بقلم - حمدي رزق
ما شجر بين المقدرين (كمال أبوعيطة وهشام قاسم)، وانتهى فى قسم الشرطة وتاليًا نيابات ومحاكم يستوجب فض الاشتباك، ما أغنانا عنه إذا العقل حكم الموقف، وخيرهما الذى يبدأ بالاعتذار.. والاعتذار من شيم الكبار.
وتداعى المحترمون من كل حدب وصوب للتوفيق بين «الإخوة الأعداء»، ولربما نجحت الوساطات (قبل نشر هذه السطور) التى تتحسس موقع كلماتها من الإعراب السياسى.
الموقف الثابت أن كليهما، أبوعيطة وقاسم، لم يقبل على شخصه اتهامًا هكذا مطلق السراح، وكلاهما دافع عن نفسه بطريقته الخاصة وبشراسة، الصاع بصاعين، وتبادلا الاتهامات فى الفضاء الإلكترونى وعلى المنصات الفضائية، ولم ينتهِ العراك فى قسم الشرطة.. ذهب بعيدًا.. وكان أجدر بهما التماس الأعذار، والتمس لأخيك ألف عذر.
هذا حدث ويحدث الآن بين المعارضين، ولا نقبل عليهما ما لا يقبله الشرفاء على أنفسهم، وجدير بالتوقف كيل الاتهامات جزافًا، وإشانة السمعة، كم من الشرفاء ابتُلوا بمثل هذه الاتهامات وأقذع، كم من المسؤولين يقاسون ويلات الاتهامات الجزافية، كم من المفكرين والكُتاب والإعلاميين والصحفيين تأذوا من مثل هذه الاتهامات، وكم من رجال المال والأعمال تأثرت أعمالهم وانتُهكت حيواتهم بفعل فاعل، وكم تمزقت ثياب المخلصين بأظافر طويلة كالمخالب الحمراء.
لم يحتمل (الناصرى) أبوعيطة هذا الاتهام بالفساد، ولم يقبل (الليبرالى) هشام قاسم على نفسه غمزًا فى وطنيته، حقهما، ولا يمارى فى هذا الحق رجل حق وعدل، دعك من ثعالب الفضاء الإلكترونى عاوزينها جنازة ويشبعوا فيها لطم.
فإذا فكَّر وزير أو مسؤول فى الحكم، أو رجل أعمال، أو مفكر، أو حتى صحفى يخشى الله فى حروفه، مجرد تفكير فى بلاغ فيمَن ظلمه، عادوا عليه بحديث الحريات، حرية التعبير، وحرية النقد، وحريات ما أنزل الله بها من سلطان.
حق التقاضى مكفول، وباب النائب العام يسع قافلة جِمال مُحمَّلة بالبلاغات، لا يكلف شيئًا، جنيهات معدودة، ولكنه الحق بحالات، جناية لو أقدم عليها مسؤول، يقيمون عليه حد الحريات، فإذا انتفضت مؤسسة دفاعًا عن هيبتها المُمرَّغة فى وحل الاتهامات، تفزع الطيور على شجر تويتر، «دولة كمعية» بالكاف المخففة، وإذا انتفض رجل أعمال دفاعًا عن سمعته وأسرته وشركته، انظر ها هم يستخدمون سلاح المال ترهيبًا، وإذا قرر فنان حفظ كرامته قالوا فى أثره، ليس هكذا تورَد الإبل يا صاح!.
حق الوزير أبوعيطة الدفاع عن سمعته المالية، وحق قاسم الدفاع عن سمعته الوطنية، ولكنه حق مستحق للجميع بلا استثناء، فإذا استخدمتم الحق فلا تسلبوه من أيدى الجميع حتى فى مواجهتكم إذا افتريتم بالاتهامات جزافًا.
عجيب أمرهم، تهليل وتشجيع وتحبيذ لكل مجترئ على الخوض فى الأعراض، يرسمونه بطلًا معارضًا، ولا يحتملون هذا البطل ثانية واحدة، إذا أَدَارَ لَهُم ظَهْرَ الْمِجَنِّ، أَى تَحَوَّلَ مِنْ صَدَاقَتِهِم إِلَى عَدَاوَتِهِم، فهو ألد الخصام، وجرجرة على الأقسام والنيابات وتاليًا المحاكم.
نفس الاتهامات تلاحق كثيرين ممن امتُحنوا بالعمل العام، فإذا تجرأوا وأبلغوا النائب العام، يا داهية دقى، على نفسها وأهلها جنَتْ براقش، وبراقش استخدمت حقها الذى كفله القانون، تدافع فحسب عن نفسها، لقد صبأت براقش، كفرت بالحريات، لا تحترم حرية كيل الاتهامات، ولم ترضخ للابتزاز، ولم تصمت على إهانة وتجاوزات، مطلوب الناس تتشتم وتُهان ويُخاض فى عِرضها وتسكت، وتبلع لسانها، ما يغرى مَن فى قلبه مرض!.