بقلم - حمدي رزق
وكتب حساب الرئيس على منصة «إكس» (تويتر سابقًا): «تلقيت باهتمام بالغ مجموعة من مُخرجات الحوار الوطنى، التي تنوعت ما بين مقترحات تشريعية، وإجراءات تنفيذية، في كافة المحاور السياسية والاقتصادية والمجتمعية».
الشكر موصول، الرئيس يشكر كافة المشاركين: «أتقدم لكافة المشاركين في إعداد وصياغة هذه المخرجات بالشكر والامتنان، وإحالتها إلى الجهات المعنية بالدولة لدراستها وتطبيق ما يمكن منها في إطار صلاحياتى القانونية والدستورية».
وكافأ المشاركين بالقول: «سأتقدم بما يستوجب منها التعديل التشريعى إلى مجلس النواب لبحث آلياتها التنفيذية والتشريعية».
لم يُخلف الرئيس وعده الذي قطعه على نفسه في مؤتمر الشباب ببرج العرب، (إبريل الماضى)، وعد على الهواء مباشرة بتنفيذ مخرجات الحوار نصًّا، حيث قال: «كل ما يقع في نطاق صلاحية الرئيس أو الحكومة من مخرجات الحوار الوطنى سأوقع عليه دون قيد أو شرط، مادام أنه داخل صلاحيات المسؤولية دستوريًّا وقانونيًّا»، أعلاه يترجم التزامًا رئاسيًّا مقدَّرًا بتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى، ويترجم بالضرورة أهمية الحوار بين الفرقاء على أرضية وطنية، ويُعجل من إنجاز المهمة في بقية لجان الحوار لتكتمل المنظومة الإصلاحية الوطنية باتفاق عام.
لا تَخَفْ ممّن يجادل، هكذا علمتنا الأيام، الاتفاق بعد جدال يترجم وفاقًا وتوافقًا على الأجندة الوطنية المستقبلية، ولو على الحد الأدنى، لا أحد يطلب تطابقًا، المأمول التوافق، وهذا هو المراد من الحوار الوطنى.
تجربة الحوار الوطنى الثرية يُبنى عليها تاليًا في ضرورة تأسيس «آلية حوارية مستدامة» برعاية رئاسية وتحت مظلة «الأكاديمية الوطنية للتدريب»، يُحال إليها ما يستوجب حوارًا مجتمعيًّا، ك«بيت خبرة وطنية»، مهم استمرارية الحوار، فنحن في أمَسّ الحاجة إلى حوار يفضى إلى اتفاق.
الحوار فضيلة يستوجب العض عليها بالنواجذ، ما ينقصنا سياسيًّا في فترات سبقت «فضيلة الحوار العام». ظلت غائبة عن المشهد. قبل الحوار الوطنى كان الحوار المتكافئ مثل «الفريضة الغائبة»، كانت الحالة أقرب إلى «حوار الطرشان». الكل يصيح في الفراغ، لا أحد يسمع، الكل يخمش وجوه الكل، بعضى يمزق بعضى، لا أحد يسأل عقله فيصغى، والبعض يزعم امتلاك الحقيقة، والحقيقة كانت غائبة بالكلية في المشهد العام.
الحوار الوطنى استثناء مُقدَّر من حالة فوضوية عبثية خيّمت على المشهد العام في عقود خلَت، متى كانت الآراء المعارضة أو المختلفة تسمعها الحكومة، ويتعهدها الرئيس بالتنفيذ الأمين؟!.
نحن إزاء نقلة سياسية نوعية معتبرة، لن نضيعها أبدًا، الحوار يترجم اصطكاك الأفكار مثل اصطكاك السحب، ينتج مطرًا يترجم خيرًا، والمصريون يتفاءلون بالمطر.
خلاصته.. لابد من العمل معًا أخذًا بالأسباب، مهم إطلاع الشركاء على الخطط والمخططات ونسق العمل في المؤسسات، معلوم «اللى على البر عوّام» و«اللى إيده في المية مش زى اللى إيده في النار». مهم الشراكة الوطنية وتَشَاطُر هموم الوطن والوقوف منها موقف الإصلاح ليس الهدم.
من فضائل الحوار الوطنى جلوس الفرقاء معًا تحت سقف واحد، وهى من النوادر السياسية في الحالة المصرية، يشكل بيت خبرة وطنية مستقبلًا يمد الحكومة بحلول لمشكلات آنية ومستقبلية، نادرًا ما تجتمع كل هذه الخبرات رغم اختلاف مشاربها الفكرية (سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا) على أجندة وطنية ليشهدوا منافع لهم وللناس.