بقلم -حمدي رزق
ما كشفه السيد «أحمد أبوالغيط»، الأمين العام لجامعة الدول العربية، استقاء من «التقرير الاقتصادى العربى الموحد لعام ٢٠٢١»، الصادر حديثًا عن جامعة الدول العربية، جد خطير على مستقبل الاقتصادات العربية تحت وطأة الجائحة ممتدة المفعول سلبيًا.
التقرير المهم يفيد بأن الناتج الإجمالى فى الدول العربية بالأسعار الجارية سجل انكماشًا قدره (١١.٥٪) مقارنة بعام ٢٠١٩، وتُقدر الخسارة فى الناتج المحلى لعام ٢٠٢٠ (السنة الأولى من الجائحة) بأكثر من (٢٢٠ مليار دولار)، ما لم تشهد الدول العربية مثله خسارة حتى فى أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام ٢٠٠٩.
الأمين العام من منبر الجامعة العربية يدعو إلى توفير موارد مالية إضافية لتسريع وتيرة تنفيذ أجندة التنمية المستدامة، ورجاؤه إلى كل الشركاء الدوليين والمؤسسات المالية بزيادة المخصصات الموجهة إلى المنطقة العربية حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها قبل حلول عام ٢٠٣٠.
أن تأتى متأخرًا خير من ألّا تأتى أبدًا، وحسنًا حضر «أبوالغيط» بثقل الجامعة العربية، وعليه أن يعوض الغياب بفكرة تمويلية مبتكرة تخفف من وقع الجائحة على اقتصاديات هشّة وضعيفة فى بعض بلداننا التى تموج بالاضطرابات السياسية والأمنية.
ما ينقص دعوة «أبوالغيط» الآلية المقترحة لجلب التمويلات الدولية والعربية لتعويض الخسائر الرهيبة جراء كورونا.. ليس أسهل من حساب الخسائر، ولكن نعالج آثارها؟!.
تصح الإشارة هنا إلى مقترح رئيس الوزراء الإسبانى «بيدرو سانشيز» عندما حث الاتحاد الأوروبى على إصدار «سندات كورونا»، وهى آلية ديون متبادَلة لمساعدة دول الاتحاد الأكثر تأثرًا بـ«كوفيد- 19» على تمويل جهودها لدرء التداعيات الاقتصادية المدمرة للوباء.
«سندات كورونا» المقترحة فى التحليل البسيط ستسمح للبلدان الأكثر تأثرًا بفيروس كورونا المستجد بجمع التمويل عبر أسواق المال تحت مظلة الاتحاد الأوروبى، ما من شأنه خفض تكاليف ديون هذه الدول، الفوائد المترتبة عليها ما يطلق عليه مصريًا «خدمة الدَّيْن»، وتثقل الاقتصادات الضعيفة فى زمن الجائحة.
مثلها دعوات سياسيين وقادة دينيين، «بابا الفاتيكان» نموذجًا ومثالًا، طالب البابا فرنسيس مبكرًا بوضع جميع الدول، ولاسيما الأشد فقرًا، فى ظروف تُمكِّنها من تلبية الاحتياجات الراهنة، وذلك من خلال خفض، إن لم نقل إلغاء، الديون التى تلقى بثقلها على ميزانيات تلك الدول.
الفرصة سانحة لدعوة مماثلة من الأمين العام للجامعة العربية إلى إصدار ما يسمى «سندات كورونا العربية» لمساعدة الدول العربية أعضاء جامعة الدول العربية، بتضامن عربى لتأسيس آلية جديدة لتبادل الديون، والتحرك بشكل موحد لجلب المُعَدات الطبية الضرورية، وإعداد خطة شاملة من أجل تعافى المنطقة العربية بشكل سريع وملموس من آثار الجائحة.
هذا أوان التحرك العربى المشترك، هذا أوان الكرم العربى، تحديدًا الخليجى، هذا أوان تمديد آجال الديون العربية العربية، أو إسقاطها كلية أو جزء منها.
إذا لم يظهر المعدن العربى فى الشدة فمتى سيظهر، متى سيتجلى الكرم العربى؟، آلية سندات كورونا لا تعنى إسقاط الديون، لكننا نطمع فى إسقاط الديون العربية/ العربية، ولنُصدِّر للعالم نموذجًا عربيًا فى التلاحم فى مواجهة الجائحة. إن فعلناها نِلْنا احترامًا عالميًا، وإن لم نفعلها فدعونا نشهد حراك الاتحاد الأوروبى فى مواجهة الجائحة ونحن هنا قاعدون على تلال من الديون.