توقيت القاهرة المحلي 04:58:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوبنهايمر.. خذنى بعارى!!

  مصر اليوم -

أوبنهايمر خذنى بعارى

بقلم - حمدي رزق

من رائِعة طيب الذكر الشاعر الكبير «صلاح عبدالصبور» المعنونة «يا أهْلَ مدينتنا» مقتطف دال: «زعْبٌ أكبرُ من هذا سوف يجىء / لنْ ينجيَكم أن تعتصموا منهُ / بأعالى جبلِ الصَّمت..».

أنفقت هوليوود على فيلم «أوبنهايمر» (١٠٠ مليون دولار أمريكى) لإيصال رسالة إلى الضمير العالمى أن الولايات المتحدة بريئة، ليست أمة شريرة، لقد دفعت دفعًا إلى السباق النووى، فحسب لردع الأشرار حول العالم!!.

أوبنهايمر، فيلم من كتابة وإخراج «كريستوفر نولان»، مقتبس من كتاب «بروميثيوس الأمريكى»، سيرة حياة الفيزيائى النظرى «ج. روبرت أوبنهايمر».

السيرة صدرت فى كتاب عام ٢٠٠٥، كتبها «كاى بيرد ومارتن ج. شيروين» على مدى خمسة وعشرين عامًا، فاز الكتاب بالعديد من الجوائز، بما فى ذلك «جائزة بوليتزر» عن فئة السيرة الذاتية لعام ٢٠٠٦.

ورغم عبقرية أداء الممثل الأيرلندى «كيليان مورفى» فى تجسيد شخصية العالم الشهير «أوبنهايمر» لم يقنع من يعقل ببراءته من الجرم الإنسانى الذى ارتكبه وخلف فظائع يشيب من هولها الولدان فى هيروشيما ونجازاكى.

التحقيقات والمحاكمات التى جرت لـ«أوبنهايمر» كانت عقابية ليست على عقليته الشريرة التى أنتجت سلاح الدمار الشامل لفناء البشرية، بل على اتصالاته وصداقاته الشيوعية، وتسريب أسرار القنبلة القذرة إلى الأعداء.

فيلم تعمد بخبث سياسى إخفاء مشاهد الفناء الذى حل بهيروشيما ونجازاكى، لم يأت بمشهد عرض، قتلت القنبلتان ١٤٠ ألف شخص فى هيروشيما، و٨٠ ألفا فى ناجازاكى، مات ما يقرب من نصف هذا الرقم فى نفس اليوم الذى تمت فيه التفجيرات.

بين هؤلاء الضحايا، مات (١٥-٢٠ ٪) متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق، والصدمات، والحروق الإشعاعية، والتسمم الإشعاعى، توفى بسبب سرطان الدم (٢٣١ حالة) والسرطانات الصلبة (٣٣٤ حالة)، نتيجة التعرض للإشعاعات المنبثقة من القنابل، وكانت معظم الوفيات من المدنيين فى المدينتين.

هيوليود تعى رسالتها السياسية جيدا، يبيضون التاريخ الأسود للسياسة الأمريكية بمساحيق سينمائية احترافية، وكأن ما حل باليابان من فناء ودمار وقتلى وأجيال تعانى من الإشعاعات الذرية محض خلفية لمحاكمة عبثية جرت فى الأفنية الخلفية فى الدولة الأمريكية العميقة.

مأساة أوبنهايمر الشخصية لم تجلب تعاطفا جماهيريا، لا قلبيا ولا عقليا، التعاطف صعب مع عالم (فذ) حاد عن الطريق، وضع خلاصة عبقريته تحت أحذية جنرالات الحرب الأمريكان، وأبدع فى خدمة آلة الحرب، وأنتج ما يصبون إليه من سلاح دمار شامل، ثم عاد إلى أهله ملوما محسورا، يتباكى على ما جنته يداه، ويتنصل من قنبلته القذرة بعد أن خضع لمحاكم التفتيش المكارثية فى زمنه.

هوليوود تكذب وتجمل وجه أمريكا القبيح، لسان حال أوبنهايمر خذنى بعارى، ورحل بعاره، وسيظل عار قنبلته القذرة يلاحقه فى قبره، ويلاحق كل من فتح صندوق الشرور «صندوق باندورا» لفناء البشرية.

خلاصته، فى عصر يعتبر فيه عدم القيام بأى شىء أمرًا محفوفًا بالمخاطر، لابد أن تكون البشرية مستعدة لما هو أسوأ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوبنهايمر خذنى بعارى أوبنهايمر خذنى بعارى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon