بقلم - حمدي رزق
وصلنى فيديو مزعج، يحمل اعترافًا فاجرًا، شخص يُدعى «فيصل عبدالناصر طلبان»، فى مقطع الفيديو يعلن قتله الشاب المسيحى «رانى رأفت» بمدينة الضبعة بمطروح، رغم عدم معرفته به ولكن لأنه سمع(!!)
القاتل سمع أن الشاب يستحى بالمسلمات، وهو مسيحى مشرك بالله، وأنه أقدم على قتله بعد قراءة المصحف، تحديدًا سورة «البقرة»، فقلبه المظلم اشتعل بالنيران، ويزعم أنها قضية تخص الإسلام.. يقينًا الإسلام منه ومن قضيته براء.
القاتل يفاخر بجريمته النكراء، ويقر بأنه لا يعرف المقتول ولا يعرف حتى مَن حامت حوله الشبهات من النساء، ولكنه قتله، ومغتبط بجريمته، ويزفّ إلى المُغيَّبين أمثاله الخبر طالبًا التبريكات.
نصًّا من الفيديو المنشور على موقع «الأقباط متحدون»: «أنا قتلت المسيحى بتاع الضبعة، والله والله والله فرحان إنى قتلته، وقتلته لأجل أمة محمد»!.
عجبًا، وما لها أمة محمد بسفك الدماء، وهل كلفك أحد من أمة محمد بالقتل، فوّضتك الأمة مثلًا، عهدت إليك، طلبت منك؟!.
سفاك الدماء، عيّن نفسه مسرور السيّاف، جلّاد المسيحيين، القاتل يبنى جريمته على ظن، وبعض الظن إثم كبير، ويعزو جريمته إلى آية فى القرآن، تحديدًا الآية (٦٧) من سورة البقرة: «وإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً...»، يفسرها على هواه تفسيرًا لم يأتِ به الأولون، نصًّا يقول: «مينفعش مسيحى ومشرك بالله ويمشى مع مسلمة.. إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة...»!!.
راجعت جل التفاسير المتاحة، على الطبرى وابن كثير، ولم أعثر على مثل هذا التفسير الشاذ والعجيب، قصة البقرة معلومة ومحفوظة، ما هذا التفسير العجيب، عن أى بقرة يتحدث القاتل؟!.
ويعترف بالقتل وبدم بارد: «عندما قرأت المصحف اشتعل قلبى بالنار، وأنا أغير على الإسلام وفداء للإسلام»!.
متى كانت قراءة القرآن تشعل النيران فى القلوب، ألم يسمع قول المصطفى، صلى الله عليه وسلم، فى فضائل قراءة القرآن، قال وما ينطق عن الهوى: «مَثَل المؤمن الذى يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب...»؟!، ولسورة البقرة تحديدًا فوائد كثيرة، أظهرتها نصوص الأحاديث النبوية الشريفة، قراءتها علاج فعال، حيث تُذهب الأرواح الشريرة وتقى من الأمراض، أمراض القلوب وعِلَل النفوس، من أين أتت النيران التى أكلت قلبه، وأشعلت فيه الرغبة العارمة فى القتل؟!، روحك شريرة.
يقينًا القاتل كان يقرأ كتابًا غير القرآن، وتفسيرًا غير التفاسير، والذبح عنده عقيدة باطنية مستبطنة، هذا قاتل موتور لا يُحسب على أمة محمد التى يتمسّح فيها، ويغسل يديه فى ثيابها.
أمة محمد يا هذا، عنوانها الرحمة، وتؤمن بما جاء بالكتاب الكريم «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ» (المائدة: ٨٢).
مقطع الفيديو يُظهر قاتلًا مفطورًا على القتل، يتلذذ بسفك الدماء، ممتلئًا حقدًا، وعقله محشو بأفكار شاذة، وينفذ مُخطَّطًا شيطانيًّا، تخيَّل لا سمع ولا شاف ولا تيقّن، وقرر القتل، عيّن نفسه جلادًا يقتل الناس بالشبهات.. مقطع الفيديو اعتراف خطير بفكر ضالّ يهددنا جميعًا.. ويحتاج لمواجهة فكرية مستوجبة.