لطيب الذكر، شاعر المقاومة، «محمود درويش»، مقولة لا تزال يتردد صداها فى الأرض السليبة، يقول بثقة فى نضالات الشعب الصامد: «نجحنا فى أمر واحد.. نجحنا ألّا نموت..»!!.
يحيا الشعب الفلسطينى ولا يموت، راجع إحصاءات «نادى الأسير الفلسطينى» لتقف على سر هذا الشعب الذى تسرى فى روحه هذه المقولة الدرويشية، سر الشعب الأَبِىّ الصامد فى وجه احتلال لا يرعوى لمواثيق أخلاقية.
سلطات الاحتلال الغاصب تعتقل (5000 فلسطينى) فى (23 سجنًا ومركز توقيف وتحقيق)، منهم (31 أسيرة) يقبعن فى سجن «الدامون»، و(160 طفلًا وقاصرًا) موزعون على سجون (عوفر، ومجدو، والدامون).
يفطر قلبك أطفال قصر ونساء يقبعون فى زنازين الاحتلال، التى هى قطعة من جهنم الحمراء، ناهيك عن الأسرى القدامى (المُسِنّين) المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو، (تم توقيعها فى 13 سبتمبر 1993)، وعددهم (23) أسيرًا، أقدمهم الأسير «محمد الطوس»، المعتقل منذ 1985، تقريبًا «الطوس» معتقل منذ نصف القرن والاحتلال لا يمل التنكيل والتعذيب.
صمود «الطوس» آية من آيات المقاومة الباسلة، الشعب الفلسطينى يضرب الأمثال جميعًا، يقدم تضحيات الشهداء عن طيب خاطر، يزفهم إلى الجنان، تروى دماؤهم الزكية شجر الزيتون.
شهداء أحياء فى الساحات، وشهداء أحياء خلف القضبان، عدد شهداء الحركة الأسيرة (فى السجون) بلغ (237) شهيدًا، منذ عام 1967، فضلًا عن مئات من الأسرى استُشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.
ثبت بشهداء الحركة الأسيرة، الشهداء المحتجزة جثامينهم (12) أسيرًا شهداء. زبانية الاحتلال يحتفظون بالجثامين خشية قيامتها فى وجوههم، جثامين الشهداء فيها روح المقاومة، تحلق فوق الرؤوس فى غلالة من نور.. طوبى للشهداء.
معاناة أسرى السجون الإسرائيلية يتحدث عنها «نادى الأسير»، الأسرى المرضى أكثر من (700) أسير يعانون أمراضًا بدرجات مختلفة، وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية، منهم (24) أسيرًا ومعتقلًا على الأقل مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة.
تعجب أنهم يقاومون سرطان الاحتلال بنفوس أَبِيّة، وروح مقاومة عالية، وقْع السرطان الخبيث أخف وطأة من وقع سرطان الاحتلال، كلاهما مرض مستعصٍ، وقانا الله شر الخبائث الإسرائيلية.
يلفتك فى الإحصاء الصادر حديثًا عذابات المرأة الفلسطينية فى سجون الاحتلال، هناك (31 فلسطينية من العظيمات) خلف القضبان، يصدق فيهن القول المأثور: «يا غصنًا استعصى كسره على أقوى الرجال، وأصبحتَ شجرة ثابتة فوق الرمال».
ثبات المرأة الفلسطينية ورسوخها فى أرضها معجزة تتحدث عنها وتغار منها أشجار الزيتون.
دمها عطر، وريحها أريج المقاومين، شجرة عتيقة، قوية عفِيّة، تعجب من صمودها فى وجه الاحتلال، مثل شجرة طيبة أصلها ثابت فى الأرض وفرعها فى السماء تظلل المقاومين.
المرأة الفلسطينية نموذج ومثال، صابرة محتسبة، تحمل وتنجب وترضع المقاومين، وتُستشهد بجوار المقاومين، فى مقدمة الصف، وتتلقى الصدمات، وتسبل أعين أطفالها، وتودع رجالها بزغرودة انتصار يلوح، وتعود إلى فرشتها تشحن عزيمتها وتحشد المقاومين ليوم الحرية.
مثل هذا الشعب بهذه التضحيات عصِىّ على الاحتواء، لا يُقهر، لا يُهزم، أرقامه المسجلة إحصائيًّا ترهب الاحتلال، كلما سفكوا دمًا، نبتت فى الأرض الطيبة أشجار المقاومة.
أرض فلسطين خصبة، ينبت فيها المقاومون ليلًا ليُستشهدوا صباحًا.. طوبى للشهداء والمعتقلين شيوخًا وشبابًا ونساءً وأطفالًا.. دمتم مقاومين