وليعلم هذا الوالد أن ما أُصيب به هو من قضاء الله وقدَره الذى لا يُرد، والذى كان مكتوبًا فى سابق الأزل، كما قال الله تعالى: «ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها» (الحديد/ ٢٢).
فراق الأحباب سقام الألباب، قلبى مع الفنان الكبير «حسن يوسف»، وزوجته الفنانة «شمس البارودى» فى مصابهما الأليم، الله يرحم ابنهما «عبدالله» الذى لقى ربه «غريقًا»، ويصبّر أهله، ويُسبغ على قلوبهم من صبره، ويُطبطب على ظهورهم المَحْنِيّة من قسوة الفراق.
وعن أبى موسى الأشعرى، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدى؟، فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده، فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدى؟، فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدى بيتًا فى الجنة، وسموه بيت الحمد. رواه الترمذى وأحمد، وحسّنه الألبانى.
بيت فى الجنة، بيت الحمد، وعد المولى سبحانه وتعالى لمَن فقد ولده، ياااه على فقد الضنا، والضنا «غالى»، فقد حزين، حزن يقطع نياط القلوب، اللهم صبِّر أهله وأحبابه واجبر كسرهم وارحمه واجعله من أهل اليمين المبشرين، فلله ما أخذ وأعطى، والحمد لله على كل حال وفى كل حين.
الفراق صعب، يا رب خفِّف عن عبدك، وطبطب على قلب أَمَتك، وارزقهما يا الله صبرًا، واحتمالًا، وأعِنْهما على البلاء، فليس أقسى من الابتلاء فى الولد.
نعيش ونحيا على أمل حين يحم القضاء، أن يوسدنا الولد التراب بأيديه.. راحة، نتمناها قبله، ليس بعده، نتمناه فى حياته، لكن مشيئتك سبحانك، تُقدر الأقدار: «فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون».
يا مَن فقدت الولد، عظّم الله لك الأجر وألهمك الصبر ورزقك الشكر، عظّم الله أجرك وجبر الله كسرك وعوضك خيرى الدنيا والآخرة عمّن فقدت، فقد الأولاد.
فلذات الأكباد، ثمرات القلوب، فقد الولد من أعظم المصائب، التى تصيب الإنسان فى حياته، هى والله نار فى الفؤاد، وحرقة فى الأكباد، لهذا كان ثواب الصبر على فقدهم عظيمًا، وكان أجره فى الميزان ثقيلًا، يقول عليه الصلاة والسلام: «.. خمسٌ ما أثقلهن فى الميزان، لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفى للمرء، فيحتسبه». صدقتَ يا رسول الله، صلى الله عليك وسلم.
وفى هذا يقول الشاعر الحزين:
«ماذا عساى أن أنثر هنا من كلمات
لتجارى هذه الشجيات المؤلمة
فحروفى حزينة لم تعد تقوى أن أنثرها..».
ويقول الحكيم بعد فقد عظيم:
«صبرت لأنى لم أجد لى مخلصًا..
إليك وما من حيلة لى سوى الصبر».
فى كتاب «برد الأكباد عند فقد الأولاد»، لمؤلفه «محمد بن عبدالله بن ناصر الدين الدمشقى»، تعزية، طبابة لقلب المكلوم بفقد ولده، فيه الكثير من الأحاديث الشريفة عن الصبر على الابتلاء، وفقد الابن من الابتلاءات التى تُكفِّر السيئات، ما يغفر الذنوب جميعًا.
توقفت ملِيًّا أمام دموع المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وهو يودع ولده «إبراهيم»، وفى الرواية يقول الحبيب، صلى الله عليه وسلم، ومثله نقول عند الابتلاء: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضى ربنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».