لاتزال فكرة مقال «أثر قمع الأفكار فى التخلِّى عن العادات السيئة» تلح على ذاكرتى السمكية، مقال المدون «ستيفن أيتشيسون» يناقش فكرة قمع التفكير فى العادة السيئة كمدخل لعلاجها، مثلا قمع التفكير فى السجاير مدخل للإقلاع عن التدخين.
ومن العادات السيئة فى حالتنا مجرد التفكير فى المصلحة العامة يقال عنده فكر، وعادة يعالج بالقمع الجماعى للإقلاع عن هذه العادة السيئة.
تجرأ الدكتور «صلاح الغزالى حرب»، أستاذ السكرى الشهير، وفكّر فى طريقة مثالية لعلاج الطيبين بالمجان فى المستشفيات الحكومية بديلا عن آليات العلاج المتبعة على نفقة الدولة.. فحسب طريقة بديلة تحفظ للمريض حقه فى العلاج المجانى بكرامة إنسانية بعيدا عن الموافقات الفوقية عبر اللجان الثلاثية التى تحتكر قرارات العلاج.
تخيل وزارة الصحة والسكان خلال الفترة من (1 يناير الماضى حتى 1 مايو 2023) أصدرت مليونًا و184 ألف قرار علاج على نفقة الدولة، بتكلفة 5 مليارات و742 مليونا و611 ألف جنيه.
الدولة تنفق جيدا على العلاج المجانى.. الإشكالية كيف تصل الخدمة إلى مستحقيها مباشرة دون المرور باللجان الفوقية؟!
الدكتور صلاح يفضل دعم المستشفيات الحكومية مباشرة بهذه المليارات، تنقلها نقلة نوعية، وتصبح المستشفيات صاحبة القرار العلاجى دون انتظار قرارات فوقية تقدر ما لا تقدره المستشفيات طبيا.
الدكتور صلاح لم يطالب بمنع العلاج المجانى ألبتة.. آلية قمع الأفكار العقورة مسكت فى البالطو الأبيض، وهات يا تقطيع، عقابا للطبيب على مجرد التفكير فى المصلحة العامة.
الدكتور صلاح الغزالى حرب مضطرًا كتب «بوست» محزنًا، خُلاصته أثر قمع الأفكار فى التخلِّى عن العادات السيئة، باعتبار التفكير من السيئات، وإلى نص البوست الحزين:
«شعرت بالأسى والأسف من رد فعل البعض على ما قلته فى الحوار الوطنى منذ أيام؛ بالمناداة بإلغاء مهزلة العلاج على نفقة الدولة، والذى أنادى به منذ أكثر من عشر سنوات.. ويبدو أن البعض لسبب ما يريد أن يبعث برسالة مفخخة إلى المريض؛ مفادها أننى أرفض علاج المريض على نفقة الدولة!.
فى حين أننى تكلمت باسم المريض المصرى الذى أتعامل معه منذ أكثر من خمسين عاما.. ولذلك سأوضح مرة أخرى ماذا أريد.. وما أريده للمريض هو حقه فى التوجه إلى أقرب مستشفى حكومى، الذى تصرف عليه الدولة الملايين، كى يأخذ الرعاية الكاملة..
وهو الأمر الذى لا يتحقق فى أحيان كثيرة.. ولذلك طالبت بأن تحول الدولة المليارات الخاصة بالعلاج على نفقة الدولة إلى هذه المستشفيات فى كل أرجاء الدولة لكى يسهل الأمر على المريض، فهذا حقه الذى كفله الدستور، والدولة لا تَمنّ عليه، ولا داعى لكى يثبت أنه مريض بشهادة ثلاثة أطباء ثم تتم الموافقة عليه ثم ترسل له مبلغا من المال للعلاج.
وبهذا نوفر على المريض هذا العناء كما نوفر على ميزانية الدولة الصرف مرتين، وعلى الدولة أن تعتنى بالمستشفيات الحكومية بحيث تكون مستعدة لاستقبال المريض فى أى وقت.
ولا يخفى علينا ما حدث فى السنوات الأولى لنظام العلاج على نفقة الدولة من استغلال فاضح من بعض موظفى المستشفيات للمريض المغلوب على أمره، ولا ننسى فضيحة من كانوا يحتكرون الحصول على طلبات العلاج على نفقة الدولة ثم يبيعونها للمريض، وأمور أخرى ليست خافية على المرضى.
باختصار، أطالب بحفظ كرامة المريض وحقه فى الالتجاء إلى المستشفى حتى يتم شفاؤه بغير وسيط..».