بقلم - حمدي رزق
تداعيات الحرب الأوكرانية لفتتنا عن حديث مهم لولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، مع مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية الشهيرة، يستوجب التوقف أمامه فى مواطن شتى.
وبعيدًا عن شواغل السياسة فى الحديث، مستوجب التوقف مليًا أمام مشروع المملكة الذى يتبناه بحماس بالغ ولى العهد، لإحصاء ومراجعة وتنقية الأحاديث النبوية المطهرة، وهو المشروع الذى يُتوقع أن يثير زوابع المراجع الدينية من حول العالم لاحقًا.
حديث ولى العهد يَشِى بتوفّر هيئات فقهية سعودية على إحصاء ومراجعة وتنقية الأحاديث النبوية، وعاجلًا سيصدر ثبت بالأحاديث الصحيحة المعتمدة سعوديًا، توكيدًا، الأحاديث الصحيحة التى ستعتمدها المملكة فى قوانينها باعتبارها صحيحة تستوجب التطبيق شرعيًا.
لا أناقش ماهية الأحاديث النبوية الصحيحة، لست فقيهًا ولا من علماء الحديث الشريف، ولا أُحسن التفرقة بين الحديث المتواتر وحديث الآحاد، هناك ثقات مُقدَّرون يزنون الأحاديث بميزان الذهب.
ولكن ما يلفتنى تلكؤ المراجع الإسلامية على اختلاف مذاهبها من حول العالم فى التعاطى مع المشروع السعودى إيجابًا أو سلبًا، الصمت سيد الموقف، الصمت يلف العمائم الكبيرة، وكأن ما يجرى فى بلاد الحرمين الشريفين لا يُحرك ساكنًا لديهم، أو خارج نطاق الاهتمام، رغم أن الدخول على السنة المطهرة من هذا الباب كان يلقى معارضة أقرب إلى التحريم فى بلادنا الحبيبة وبلاد أخرى.
تعتبر بعض المراجع والعمائم السنة المطهرة ثلاثة أرباع الدين، وهذا وارد فى قول محفوظ على «يوتيوب» عن الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قال فضيلته: «أجمع المسلمون على ضرورة بقاء السُّنة إلى جوار القرآن جنبًا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين، وأن سلخ القرآن عن السُّنة يضعه فى مهب الريح».
الثابت أن مراجعة الأحاديث النبوية على أسس فقهية وعلمية منضبطة ظلت مطلبًا تتحدث به المراجع العلمانية فى ظل تطورات العصر، وظل هذا المطلب عزيز المنال فى سياق رفض مشمول بالحذر الشديد من مراجع فقهية تخشى المسّ بالثابت، وما قد يتبعه من تبديد وإهدار ما رُوى عن رسول الله، (صلى الله عليه وسلم)، اكتفاء بالصحيحين، «البخارى ومسلم». الشيخان بلغا من العلم مبلغه، وأفنيا عمرهما على تدقيق الحديث وروايته، فلِمَ المساس بالمستقر فى زمن القلاقل العاتية؟. الأجواء كما يتخوفون ليست مواتية لهكذا مشروع يستوجب مناخًا طيبًا.
وبُحَّ صوت الحادبين على صحيح السنة المطهرة بضرورة مراجعة فقهية حديثة لما رواه الأقدمون محبة فى رسول الله، (صلى الله عليه وسلم)، ولكن كما يقول الشاعر: «لقد أسمعتَ لو ناديت حيًا.. ولكن لا حياة لمَن تنادى».
لو سمعت المراجع الدينية فى المؤسسة الدينية المصرية العريقة دعوة الرئيس السيسى إلى تجديد الخطاب الدينى سمعًا حسنًا، واستقبلت دعوته استقبالًا رضائيًا طوعيًا، وتفهّمت الضرورات التى حتّمت الدعوة الطيبة، لكان لها فضل السبق فيما سبقت إليه مراجع المملكة السعودية، ولكان جهدًا فقهيًا مصريًا معتبرًا، ولكن هناك مَن يستبطن القعود يوم الزحف، ويضع العصا فى العجلات، علمًا بأن التجاهل جَوْرٌ أقسى من العدوان!!.