بقلم - حمدي رزق
ابتداء، خوض حزب الوفد العريق الانتخابات الرئاسية من الموجبات السياسية، إذا لم يَخُضْ حزب في حجم الوفد، أقدم الأحزاب على الساحة الوطنية، بتاريخه الوطنى، ورموزه التي تطل علينا، يصح السؤال: ومَن ذا الذي يترشح، ومَن الحزب المؤهل لخوض انتخابات في قمة الهرم السياسى؟!.
إعلان رئيس حزب الوفد، الدكتور «عبدالسند يمامة»، عزمه الترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة بتوقيعات وفدية (52 عضوًا بالهيئة العليا) موافقة على اختياره لخوض الانتخابات، استنفر القطب الوفدى الكبير، «فؤاد بدراوى»، (حفيد رئيس حزب الوفد التاريخى الباشا فؤاد سراج الدين)، عازمًا الترشح، في بيان، قال فيه: «ترشحت نزولًا على رغبة زملائى وإخوتى من أعضاء الهيئة الوفدية الكرام، الذين تواصلوا معى على مدار الأيام القليلة الماضية، وطالبونى بأن أكون ممثلًا عنهم وباسمهم وتحت راية الوفد في انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، ورضوخًا لهذه الرغبة وهذه المطالب التي هي تكليف وليست تشريفًا، وأمانة في عنقى».
وطالب «بدراوى» الدكتور يمامة، رئيس الحزب، بتحديد موعد لدعوة الهيئة الوفدية «الجمعية العمومية» المحترمة إلى اختيار ما بين المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية.. ولم يُجِبْه «يمامة» حتى ساعته.
معلوم أن الترشح حق لكل مواطن يستوفى شروط الترشح التي يحددها الدستور والقانون، فحسب أخشى معركة داخلية تعمق أزمة الحزب، قسمة الوفد إزاء مرشحه للرئاسة ليست صحية، سيتشتت الحزب شِيَعًا وأحزابًا، فريق يدعم هذا، وفريق يدعم ذاك، ويتمزق الوفد شر مُمَزَّق.
الوفد ليس بحالة جيدة، ولا يحتمل مزقًا جديدًا، بالكاد يستجمع قواه في الساحة السياسية، ليست معركة على رئاسة الحزب، لكنها انتخابات رئاسية، وإذا قرر الحزب خوض غمارها فمستوجب الاتفاق داخل البيت الوفدى على مرشح يحمل رايته الخضراء، ويكون مدعومًا من الصف الوفدى.
ليست معركة شخصية، وعلى حكماء حزب الوفد التواصل مع المرشحين المحتملين لاختيار مَن يحمل راية الوفد، ولمّ الشمل الوفدى تحت الراية لخوض الانتخابات الرئاسية، والأجواء السياسية ممهدة لاستقبال مرشح بحجم الوفد.
الانتخابات الرئاسية ليست نزهة خلوية، وليست فحسب رغبة شخصية في حمل لقب «مرشح رئاسى». البعض يتوق للقب، ولكنها معركة برامج وأفكار، والوفد بماضيه الفاخر، وتراثه، وأفكاره الوطنية يستحق أن يحملها مرشح قدير، قادر على إيصال رسالة حزب الوفد إلى الشارع.
فرصة وسنحت لضخ الوفد لأفكاره وبرامجه وشخوصه في الحالة السياسية، إذا قرر حزب الوفد خوض غمار الانتخابات الرئاسية يكسب كثيرًا، وبالمجان، والظروف السياسية مهيأة لانتخابات تنافسية معتبرة.
وعليه، مستوجب تفعيل اللائحة الوفدية الحاكمة، وآلياتها المتبعة في حسم القرارات الوفدية على مستوى الهيئات العليا والقواعد، مهم الحفاظ على تماسك الحزب ووحدته، وخروجه من معركة الترشيح سالمًا دون خسائر مجانية، الترشح باسم الوفد حق، ولكن وفق دستور الوفد الداخلى.
كثرة المرشحين الحزبيين والمستقلين علامة صحة سياسية، تجلى الانتخابات الرئاسية وترفع مستوياتها السياسية، نريدها انتخابات برامجية ليست كلامية، الوطن في حاجة ماسّة إلى أفكار مبدعة ومنتجة، ومستوجب احترام رغبات الترشيح والاحتفاء بها سياسيًّا وشعبيًّا.
تحبيط المرشحين، وإحباطهم كما حدث تجاه ترشح «الدكتور يمامة» ليس من الرشادة الوطنية في شىء، وحق الترشح كما حق الانتخابات حق دستورى ليس منحة سياسية، ولا يرتهن بمشيئة فوقية، حق مستحق، وفى ذلك فليتنافس المرشحون.