«طُوبَى لِلْحَزَانَى، لِأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ» (مَتَّى: ٤-٥). شعب الكنيسة الأرثوذكسية جد حزين، رحيل ستة أساقفة مقدرين فى عام أخير، البابا تواضروس الثانى يودع رفاق الرحلة الروحية، الكنيسة المصرية تفقد جواهر التاج، كل منهم قامة وقيمة وعلم، جواهر تشع محبة، وتلقى بظلال شجرتها العتيقة ليرتاح تحتها المتعبون.لفتنى تقرير حزين على موقع «الأقباط متحدون»، يذكّر بحزن السنين، حزن العام الأخير، عام فراق الأحباب، والعنوان «خلال عام رحيل ٦ أساقفة للكنيسة القبطية.. والبابا يدرس أوضاع إيبارشيتهم».
التركة ثقيلة، والبابا جمل الحمول، كل منهم كان حكيما فى إدارة إيبارشيته، وعطوفا على شعبه، مفتقدا رعاياه، والإيبارشية (بالإنجليزية: Eparchy)، وفى المسيحية الشرقية (الأرثوذكسية) هى وحدة قطاعية كنسية مسؤول عنها المطران أو الأسقف، وهى وحدة رئيسية من النسق الكنسى.
الفقد عظيم، تعويض رحيل هؤلاء الآباء المقدرين صعب، ولكن الكنيسة المصرية ولادة ولا تعدم مقدرين، قيادات كنسية قادرة على التعويض، وتملك كفاءات مميزة توفر للبابا رصيدا لتعويض الفاقد الكنسى.
الراحلون ستة، أولهم، الأنبا «أثناسيوس» أسقف بنى مزار، وأعلنت الكنيسة فى مارس ٢٠٢١ نياحته بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر يناهز ٧٣ عاما، وتاليا أسند البابا مهمة الإشراف على الإيبارشية للأنبا «أسطفانوس» أسقف ببا والفشن.
ثانيهم، الأنبا «سلوانس» أسقف دير الشايب بالأقصر أعلنت الكنيسة فى مايو ٢٠٢١ نياحته إثر إصابته بعدوى فيروس كورونا عن عمر يناهز ٧٥ عاما.
ثالثهم، الأنبا «بطرس» أسقف شبين القناطر أعلنت الكنيسة فى أغسطس ٢٠٢١ نياحته متأثرا بمضاعفات إصابته بفيروس كورونا عن عمر ناهز ٧٤ عاما، وقرر البابا تواضروس تعيين الأنبا «مرقس» نائبًا بابويًا للإيبارشية.
وكانت فاجعة نياحة الأنبا «هدرا» مطران أسوان، أعلنت الكنيسة فى سبتمبر ٢٠٢١ نياحته بعد صراع قصير مع فيروس كورونا عن عمر تجاوز ٨١ عاما، وقرر البابا تواضروس تعيين الأنبا «باخوم» نائبًا بابويًا للإيبارشية.
خامس الراحلين الكبار، الأنبا «كاراس» أسقف عام المحلة، أعلنت الكنيسة فى أكتوبر ٢٠٢١ نياحته عقب إصابته بفيروس كورونا عن عمر يناهز٦٣ عاما، وقرر البابا تواضروس تعيين الأنبا «صليب» نائبا بابويا للإيبارشية.
وسادس الراحلين، الأنبا «لوكاس» أسقف أبنوب والفتح وأسيوط الجديدة، أعلنت الكنيسة فى فبراير ٢٠٢٢ نياحته عن عمر تجاوز ٧٢ عاما، وقرر البابا تواضروس تكليف الأنبا «أرسانيوس» نائبًا بابويًّا للإيبارشية (المعلومات مستقاة من موقع «الأقباط متحدون»).
إذا صحت المعلومة (عدد الأساقفة يبلغ ١٢٩ أسقفا) وهذه ثروة نادرة فى كنيستنا الوطنية، مستوجب مع تقدم الأعمار، وضعف الصحة، ووهن العظم، إحاطتهم بالاحترازات الطبية خشية الوباء، كورونا مسؤولة بشكل مباشر عن رحيل البعض، والسن له أحكام، وتعريض الأساقفة لتجمعات، يخشى منها، سيما كبار السن منهم، وهذا من باب الاحتياط الصحى الذى يستوجب التحرز منه، إلى أن ينقشع ضباب الجائحة.
البابا أطال الله عمره، لا يكل ولا يمل، يحذر من كورونا ويخشى، ولكن الخدمة الروحية أحيانًا تحكم، وبعض الأساقفة لا يفارق شعبه فى السراء والضراء وحين البأس (الجائحة)، وهذا جد خطير على صحة الأساقفة، سيما كبار السن.
«طُوبَى لِلْحَزَانَى، لِأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ»، نياحتكم خلفت حزنا شفيفا، وليعوض الله كنيستنا الوطنية عن أحزانها. وعزاء خاص لقداسة البابا تواضروس الثانى فى رحيل الأحباب.