بقلم - حمدي رزق
في إشارة، واللبيب من الإشارة يفهم، لفتنا الرئيس السيسى في ختام بتهنئته الشعب المصرى بالذكرى الحادية والسبعين لثورة الثالث والعشرين من يوليو المجيدة، بفقرة مهمة حررت بعناية يقول الرئيس ما نصه: «نطمئنكم أن جميع الأصوات الجادة مسموعة، لما يحقق صالح الوطن ويسهم في بناء المستقبل والواقع الجديد الذي نطمح إليه ونعمل من أجله مخلصين النية لله والوطن».
الأصوات الجادة إذن محل اهتمام رئاسى، مسموعة جيدا، لأنها في الأخير تصب في نهر الصالح العام، مطلوب رفد النهر العظيم بأفكار مدروسة، أصوات جادة تقف على ثغور الوطن مدافعة عن ثوابته الراسخة، مستوجب وطنيا استصحاب هذه الأصوات، والأفكار، والتصورات التي ترنو إلى المستقبل بفكر منفتح على الحوار العام.
وعن تجربة الأصوات الجادة في «الحوار الوطنى» جد لقيت الاهتمام الرئاسى، ومخرجات الحوار الوطنى المدروسة التي تعبر عن حاجات مجتمعية ملحة تنفذ على الفور، ووعد الرئيس السيسى في «برج العرب» بالتنفيذ الأمين، ومن فوره، لمنتجات الحوار الوطنى في سياق صلاحيات الرئيس الدستورية، والبرلمان يتكفل بما هو خارج عن هذه الصلاحيات بخطى برلمانية حثيثة.
بين سطور التهنئة حديث عن الحاجة الماسة إلى الأصوات الجادة التي تسهم في تنمية وتطوير الحوار العام، أصوات جادة هذا وصفها، لا محل لأصوات نشاز تنعق على خرابها، ولا أصوات زاعقة تصرخ وتولول في الفضاء الإلكترونى كالنادبات المستأجرات، مطلوب أصوات وطنية عاقلة واعية مدركة لحجم التحديات، ملمة بالملفات، دراسة دراسة واقعية للمآلات المترتبة على نواتج الأفكار السابحة في الفضاء العام.
تترجم عبارة الرئيس السيسى إلى انفتاح محمود على الأفكار الجادة حتى لو كانت جد مختلفة، طالما مستمسكة بالعروة الوثقى، مصلحة الوطن العليا، والمقاصد الوطنية المقدرة، فقه المقاصد الوطنية مستوجب تقفى أهدافه العليا في إنجاح المشروع الوطنى «الجمهورية الجديدة» عبر تحصينه بالأفكار المبدعة والخلاقة، يسميها الرئيس «الأفكار الجادة» التي لا تحيد عن الطريق القويم.
المطلوب أفكار إيجابية، والتفكير الإيجابى هو مقاربة تحديات الحياة من منظور إيجابى، ولا يعنى تجنب الأشياء السيئة أو تجاهلها، وإنما محاولة الاستفادة أقصى استفادة من المواقف السيئة المحتملة، ورؤية أفضل ما في الآخرين، والنظر إلى نفسك وقدراتك من ناحية إيجابية. وامتلاك العقلية الإيجابية يعنى تحويل التفكير الإيجابى إلى عادة، والبحث المتواصل عن الأمل المشجع، وتقديم الأفضل في أي موقف يواجه صاحب الفكرة.
الإيجابية مهارة مثل باقى المهارات تكتسب بالتعلم والتطور المستمر، فالأمر كله يندرج تحت عاملين أساسيين هما: طريقة التفكير وطريقة التصرف وكليهما قابل للتغيير والتطوير، أي أن الإيجابية ما هي إلا مزيج من طريقة تفكير الشخص وطريقة تصرفاته التي يسلكها، وهنا بيت القصيد.
دأب البعض على إجهاض الأفكار الجادة، عيادات الإجهاض منتشرة في الفضاء الإلكترونى، لا تدع فرصة لولادة فكرة جادة، بناءة، خارج صندوق الأفكار المعلبة.
نفر من شذاذ الآفاق يتوفرون على إجهاض الأفكار المحلقة بدم بارد، وكم من أفكار جادة أجهضت بعد ولادتها مباشرة، في المهد، تقتلها عمدا مع سبق الإصرار والترصد أجواء خانقة مفعمة بالشك والتشكيك، البعض ينفخ بعزم ما فيه لإطفاء شموع المستقبل بدلا من التنوير بأفكار تنير الطريق نحو المستقبل