كتبت متيقنًا أن ثأر شبابنا فى رقبتنا، ونحن شعب لا ينام على ثأر، وبأيدى جنودنا سنثأر للشهداء قِصاصًا عادلًا، سنستأصل شأفة الإرهاب، ونقتلع جذوره، وندهس خلاياه النائمة، ونصيد ذئابه المنفردة وفلوله فى كهوف الصحراء، ثأر الشهيد نار محرقة تحرق كل معتدٍ أثيم.
وقبل أن تبرد دماء الشهداء، ودموع العيون جارية، كان الثأر من كلاب النار، كنس (٢٣ تكفيريًّا) فى ضربات جوية نافذة، وتكفلت قوات إنفاذ القانون (الشرطة) بتطهير الأرض الطاهرة من نجس الإرهابى، فى ملحمة بطولية دفع ثمنها الرجال السمر الشداد من أرواحهم الزكية، تروى الأرض المباركة.
ولا يزال الثأر متأجِّجًا فى الصدور، ولن تنام العيون الساهرة على أمن وأمان الوطن حتى تأخذ بالثأر، وقوم يا مصرى، مصر دايمًا بتناديك، خد بنصرى، نصرى دين واجب عليك، وعلى الوزن، خد بتارى، تارى دين واجب عليك.
ثأر الجنود أمانة فى أيادٍ طاهرة شريفة، فى أعناق مقاتلين أشداء، وقادة لا يلوون على ثأر، ثأر الشهيد عنوان عريض لقواتنا الباسلة، جيش من الشهداء، المفطورين على الشهادة، المرسومين شهداء منذ الميلاد، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.
ونجيب منين ناس لمعناة الكلام يتلوه، لو تعلمون حجم التضحيات الجسام لقبّلتم الأرض من تحت أقدامهم، بطول الحدود وعرض البلاد هناك جند مجندة من خيرة الأجناد، ينتظرون منكم الدعاء، ادعوا لهم بالنصر أو الشهادة، ادعوا لهم
بِالْعَشِىّ وَالإبْكَارِ.
إنّا استودعناهم أمانة، وسبحانك خير مؤتمن، سبحانك الصاحب والسند، تلهمهم صبرًا، وتؤتيهم عزمًا، اشدد من أزرهم، سبحانك خير معين يا أرحم الراحمين.
من لم يَجُلْ فى صحراء مصر القاحلة لا يعرف حجم تضحيات الرجال، مناخ قارى يقطم المسمار بردًا، ويسيل من حر صيفه عين القطر (النحاس)، ليل موحش، وصيف يشوى الجلود من سف الرمال فى الوجوه، لا يحتمله إلا ذوو الجَلد، من بين الصلب والترائب، عزائمهم لا تلين، من أولى العزم وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم.
وحشة الصحراء المصرية قفارها مكتوبة على جبين الرجال السمر الشداد، فى المعسكرات والكتائب والنقاط الحدودية تروى الألسنة بطولات وكأنها أساطير، كل ضابط هنا وحده أسطورة، وكل جندى وحده بطولة، والعيون لا تنام، يتسابقون إلى الشهادة، فى شوق للشهادة، وكل عملية لها الموعودون.
عشت ليالى وأيامًا فى مَعِيّة الأبطال، وسجلت شهادات، وكان مَن التقيته أمس، أودعه اليوم، مفكرتى الصغيرة لا تزال تحوى أسماء أحياء شهداء، أو شهداء أحياء، أعزَّهم الله بالشهادة وكتب لجيشنا النصر.
حزين على فراق الأحِبّة منهم، إن العين لتدمع والقلب ليحزن، مواكب الشهداء تتقاطع فى الكفور والقرى والمدن، وحزين على حالنا، نتلهّى بترندات بلهاء عن بطولات
هى أولى بالحكى.
ننتحر اختلافًا وهم على قلب رجل واحد، نتباكَى على علاوات وبورصات، وهم مرابطون على الحدود، لا يُلهيهم بيع أو تجارة، أخشى أن بين ظهرانينا مَن لا يعتبر لشهادة، ولا تهزه تضحيات، ولا يقف إجلالًا للموت، الموت مثل الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع.
ترحّم وتشهّد على الشهداء، وقبل أن تتشكّى من ضيق رزق، تمعّن فيمَن يكتفى بلقيمات يقمن صلبه وهو قائم يحرس فى سبيل الله، تذكروا جميعًا أن هناك شهداء أحياء..
طُوبَى للشهداء.