وهو المطلوب، دخلت أغنية الفنانة روبى «٣ ساعات متواصلة» قوائم الأكثر مشاهدة على «يوتيوب»!!.
هكذا تُدار الأمور، وتؤكل الكتف، ليس كتف روبى بالضرورة، افتكاس حالة جدل، وبلاغ خدش حياء، وبيان مصادرة لم يصدر، وتحقيق نقابى عقابى لم يحدث، ودخول جماعة النهى عن الفن على الخط، واحتشاد النقاد والفنانين فى مواجهة قصف مفرط، روبى تحت القصف!.
لو أحدهم سمع الأغنية لثلاث دقائق لانْفَضَّ سريعًا عنها، وترك روبى لحال سبيلها، ولكن لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يُراق على جانبه الدم، لقد خدشت حياء مجتمع الفضيلة، حق عليها العذاب، والعذاب بالمشاهدات، صارت أغنية ٣ ساعات متواصلة الأكثر مشاهدة فى ظرف ثلاث ساعات متواصلة.
هذا من سفاسف الأمور، وجاء فى «تاج اللغة»، السفساف، الردىء من كل شىء، لا أتحدث عن الأغنية، بل عن المناخ الذى صنعوه لرواج الأغنية، لا أزعم عقلًا، ولكن عقلى شتَّ، جُنَّ جُنُونُهُ، ترتيب الأولويات مستوجب، والصغائر لا تُلهينا عن المقاصد.
لا نملك رفاهية الاحتراب على سَفَاسِف الأمور توافهها التى تنبئ عن الخفة والضحالة والعبثية، تخيل ومصر فى مفرق وجودى، وهناك مَن يشتغلنا لساعات متواصلة، الاشتغالات الوهمية تُدير الرؤوس عن الهم الرئيس، الحدود أَوْلَى بالتركيز الشعبى، والاحتشاد من حول القيادة السياسية دعمًا فى معركة مصيرية واجب مستوجب.
السوس اللى بينخر فى عضم البلد يلفتنا عن قضايا وطن يستحق الحياة. تخيل سيناريوهات الحرب فى غزة، ومحاولات تفكيكها من حول عنق البلد، والناس فى شغل بأغنية هروقك، ربنا يروق لك بالك يا روبى، طول عمرك حنينة وبنت حلال.
أغنية روبى ليست هدفًا، روبى تغنى ما شاءت وشاء لها الهوى، حالتنا أصعب، تصعب على راكب الحصان الأسود فى ليلة لم يطلع لها قمر، إزاء غلوشة على القضايا الأساسية، هوامش هامشية تحرفنا عن جادة الطريق، مَن ذا الذى يستحضر الهوامش بكثافة ويحرفنا عن المتون؟!.
هل فيديو «روبى» أم المعارك الوجودية، هل أغنيتها قضية تستنفد «الوقود الحيوى» لهذا الوطن، مثل هذه الهوامش تصرفنا عن المعارك المصيرية، هل هذه قضايا ننفق فيها كل هذا الوقت والجهد، وتشغل ليلنا ونهارنا؟!.
تخيل أن جنود مصر وزهرة شبابها رابضون ليل نهار زنهار يحرسون الحدود فى درجات حرارة صفرية، والمغردون فى أَسِرّتهم الدافئة فاضيين لتًّا وعجنًا، ويتبعهم الغاوون، يعدون اللايكات، والمشاهدات، وفضائيات الليل وآخره مشغولة شغل السنين بسفاسف خدش الحياء.
تحس البلد راكبها جنى مصور، كل يوم ينفث افتكاسة من منخاره الفظيع، والافتكاسة من دخان ونار مثل عادم السيارة الخربانة تعمى العيون، وتتحول الافتكاسة إلى انتكاسة، ويتناحر الإخوة الأعداء، والمعركة قايمة والكفاح دوّار.
المغردون فى شغل، فى حتة تانية خالص، «الترند جنن البلد»، بين ظهرانينا ناس خبيثة، قدروا يسرقوا دماغ الشعب فى غفلة، الناس تنام وتصحى على أخبار الفيس المفسفسة، وفيديوهات يوتيوب المفتكسة.
فى مثل هذه الأجواء المشحونة سياسيًّا، والقيادة تخوض واحدة من أخطر معارك الوطن، يصرفون الانتباه إلى تفاهات، ويحتربون، وينتحرون اختلافًا، وكسة مجتمعية، والموكوس يزعق فى خواء نفسه: روبى تخدش حياء مجتمع الطهر والعفاف!!.