توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«سوق الكتابة جَبَر!»

  مصر اليوم -

«سوق الكتابة جَبَر»

بقلم - حمدي رزق

الكتابة البيضاء تبهج النفس، تسعد الروح، تغبط القلب، كتابة طازجة بطعم اللبن الصابح، تشيع تفاؤلًا، ترسم بسمة، تخط طريقًا، تفتح بابا، تؤذن بفجر جديد.

مشتاقون لكتابةٍ بيضاء فى زمنٍ تسود فيه الكتابة السوداء الأجواء، تشيع كآبة، تسد النفس، تقلب المواجع، تقض المضاجع، توليفة رديئة من أدخنة زرقاء تغيب العقول.

الكتابة السوداء كالعسل الأسود المتخثر، يواقعها الذباب الإلكترونى، يسقط فيها الذباب الأسود بكثافة، رائحتها نفاذة، تأنفها الأنوف الحساسة.

لم نعرف بعدْ الحبر الأبيض، الحبر عادة أسود أو أزرق، للأسف لون الحبر كَرَف على الكتابة، وجبة سوداء صباحية/ مسائية، كالطبخة السودة، اختفت الكتابة البيضاء تحت وطأة سواد يغشى النفوس.

الكتابة السوداء تعجب الذى فى قلبه مرض، سواد القلوب كارف على السطور، الكتابة بالحبر الأسود صارت طقسًا مرعيًا، تجلب إلكترونيًا إعجابات، ولايكات، وتسجل أكثر قراءات، وتتصدر التريندات، وكلما اسودت سطور المقال راجت فى الأسواق السوداء، ورحبت بها المواقع الملونة على أزرق، والمنتديات المخططة أسود فى أسود.

أخشى، «سوق الكتابة البيضاء جَبَر»، الفضاء الإلكترونى صار معتمًا، حالك السواد، لا تروج فيه سوى الكتابة السوداء، من أى نبع تفجرت هذه الكتابات المسمومة، هناك ثعابين تبخ سمًّا فى الينبوع الصافى، تحيله ماءً مسمومًا.

عند المؤلفة قلوبهم، مارقٌ من يكتب بالحبر الأبيض فى هذه الأيام السوداء، عجبًا من العجب الكتابة السوداء طقسًا مرعيا، اجتراء على الحقيقة أو اجتزاء، أو فحسب اتهام جزافى وسب وقذف وقدح وخوض فى الأعراض، جميعها تصنف شجاعة، معارضة تجتذب تصفيقا حادا، ترسم محرريها أبطالا شطارا.

الكتابة البيضاء تصنف موالسة، تجر على صاحبها جملة اتهامات، أقلها «مطبلاتى»، وهو اتهام مطلوق فى الفضاء كسهم مسموم يصيب بعض الكتبة على الكنبة قعودا على الناصية فى الفضاء العام.

الكتابة السوداء تكسب كثيرًا، السواد مهنة.. سوّدها أكثر، تربح شعبية، ترسم شجاعًا وأنت فحسب موتور وقلبك أسود..

كل هذا السواد، لماذا تشيع الكتابة السوداء فى الأسواق، وتخيم على الأجواء؟.. لكل ظاهرة أسبابها، الكتابة السوداء ظاهرة للعيان.

بعيدًا تمامًا عن اتهامات التخوين المعلبة فى علب سوداء أو غيرها من المصطلحات المصكوكة صكًا مؤامراتيًا، الكتابة السوداء يقينًا تعبر فى الغالب عن دفتر الأحوال، عن حالة مزاجية سوداوية تغشى قطاعات واسعة من الكتّاب.

نحسن الظن بالجميع، ولسنا براء، وكتابتنا ليست دومًا بيضاء، معدلات السواد فى المجتمع تنتج كتابتها وكتّابها، الأقلام مثل نحل العسل تملأ بطونها من منتوج المجتمع، تفرز من هذا الحبر سطورًا، وتنسج على منوال الحزن قصايد.

الشكوى من الحال والأحوال جد شائعة، كل يشكو حاله لحاله، وكل يغنى على مواله الحزين، وكل يعزف لحنه الأثير على ناى حزين.. إذًا لماذا الكتابة كتعبير عن الحال لا تكون سوداء؟.. الخبر الأبيض خلص، مافضلش غير دمعة مرسومة فى المناديل.

وحكمة الأيام الخوالى: إذا ما تجمعت السحب السوداء فى السماء، فلا تخشَ ولا تجزع، إنه المطر سينهمر من اصطكاك السحاب، يسقى الأرض العطشى للأمل.

سوِّدوها أنى شئتم، وَشاءَ لَكم الهَوى، لوِّنوا السحاب بسناج صدوركم المترعة سوادا، ستمطر خيرًا على أرض مصر، فيها نماء بإذن الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سوق الكتابة جَبَر» «سوق الكتابة جَبَر»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon