بقلم - حمدي رزق
ظهور الشاعر الكبير «أحمد عبدالمعطى حجازى» بالـ «بيريه» الشهير على رأسه وعصاه يتوكأ عليها يُذكّر بـ «بيريه» طيب الذكر «توفيق الحكيم».. ولـ«بيريه» الحكيم قصة مشهورة.. وكناية كان يتحدث!!.
شغلَ «حجازى» عقل المجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا المصرية بفكرة نميسة: «عشرينيات القرن العشرين.. علامات فارقة وإنجازات مضيئة».. عبّر عنها بقلمه السيال فى مقاله الأسبوعى فى «الأهرام» العريقة، والتقطتها الوزيرة الفنانة الدكتورة «إيناس عبد الدايم» فتبنتها، وصاغها فى فعالية ثقافية «مهمة» الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتور «هشام عزمى»، وتوفرت عليها نخبة من المثقفين المصريين، فحولوا فكرة حجازى لحدث ثقافى مهم أعاد الحياة إلى الثقافة المصرية بعد جمود طالها تحت وطأة الجائحة الفيروسية.
يومان من الدرس الثقافى لهذه العشرينية الفارقة مصريًا، وعلى نورها اهتدت الأمة المصرية إلى سبل نهضتها، وعوضت فاقد قرون طويلة من الزمان، كانت تتخبط فى ظلام دامس أقرب لظلام العصور الوسطى، فإذا هى تقوم قيامتها، ثورة ثقافية وطنية تُغير معادلات المنطقة بأسرها، وتنفخ من روحها فى الراقدين نيامًا، فتهبّ العقول فى حماسة، تنفر يقظة تعوض ما فاتها إسهامًا فى الحضارة الإنسانية.
حضور ثقافى راقٍ يعوض غيابا ثقافيا طال، مفتتح لزخم ثقافى متوقع تواليًا، والنوايا جد صادقة للتعويض، وفق استراتيجية ثقافية تشع من المركز أنوارًا تنير الدرب نحو استعادة الريادة الثقافية بعد مرحلة استلاب حزينة، تكالبت على الثقافة المصرية قوى غشيمة متمنطقة بسلاح المال، احتكرت قوانا الناعمة، وشهلتها بضاعة حاضرة فى أسواق غريبة، بعيدًا عن مسقط رأسها، فى لباس ملونة، فبدت غريبة فى بلاد قريبة.
فعالية العشرينيات ليست مناسبة ثقافية وتمر مرور الكرام، ولكنها تؤذن بصحوة ثقافية تسرى فى العروق من المركز إلى الأطراف لتقوم قيامة الثقافة المصرية لتهب «الجمهورية الجديدة» قبسا من روحها، روح البناية ثقافتها، والثقافة نور البناية، وعمارة الأمم تعبير خالص عن ثقافتها، وإذا البناية تلبستها روح الثقافة تحولت إلى نهضة عظيمة تعوض عقودًا من الخمول الوطنى الذى كلفنا كثيرًا فى سباق الأمم الحية فى ركب الحضارة.
التفاتة الشاعر الحاذق «حجازى» إلى يقظة عشرينيات القرن الماضى كمرشد وموجه فى عشرينيات القرن الحالى، لفتة ذكية، ما أحوجنا لدرس العشرينيات الماضية، وكيف استفاقت الأمة المصرية من غفوتها رغم قسوة ظروفها، لتصوغ عظمتها!.
ليست نوستالجيا ماضوية بمعنى الحنين إلى ماضٍ تولى، الماضى درس الحاضر ونور المستقبل، وأمة بلا ماضٍ تضل طريق الحاضر ولا تبصر المستقبل بوعى وإدراك لموضع القدم حتى لا تزّل.
بواعث النهضة حاضرة فى المشهد الراهن، واليقظة عنوان شباب هذه الأمة، وبرهن الشباب على قدرتهم على التغيير، وأمن الشيوخ على صحوة الشباب، وتوفر الإرادة السياسية على اصطحاب الإرادة الشعبية لإحداث النقلة المأمولة يؤذن بفجر جديد.
مستوجب عقد اجتماعى جديد، قوامه الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. والثقافة المكون الرئيس فى مستهدف النهضة.