احتراز وجوبى، كاتب هذه السطور على «المذهب الكلثومى»، نسبة إلى كوكب الشرق، ولم أتطفل يومًا على موسيقى «الراب»، ولم أضبط بوصلتى يومًا على موجة مغنى الراب المصرى الشهير عالميًا «ويجز»، وعلاقتى منبتة بثقافة «الهيب هوب» التى يتحدر منها «الراب».
لا أهضم ترديد الكلمات بقافية معينة، وتسليم القوافى والتلاعب بالألفاظ دون الالتزام بلحن معين.. ولكنه ذوق جيل، وموسيقى جيل.. ثقافة جيل، بعض التسامح بين الأجيال لن يضير.
وبعد انتصار طائفة «المحتسبين الجدد» فى موقعة «فستان حنين»، عادوا يغيرون على الأهرامات، وقال كبير المحتسبين لمندوبى الصحف السيارة متوعدًا: إن إقامة حفل الراب الأمريكى (كانى ويست)، فى سقارة، سيكون مصيره الدحر (الإلغاء) على غرار حفل الراب الأمريكى (ترافيس سكوت).. هكذا صارت الأهرامات مقبرة الغزاة (الرابرز)!!.
ليس دفاعًا عن الرابرز، ولكن الخشية كل الخشية من عودة المحتسب فى طور جديد، متشحًا بالهوية، زاعقًا منافحًا عن العادات والتقاليد، يدغدغ عواطف طائفة من حماة الهوية، سينقلب تاليًا (وبكرة أفكرك) إلى محتسب تقليدى يلهب ظهور الناس فى الأسواق بعصى النهى عن المنكر، وفق الأجندة السلفية المقررة علينا سلفًا.
تخيل جبروت المحتسب، يطالب وزارات (جمع وزارة)- وزارات (الثقافة والسياحة والآثار والداخلية، وهيئة الرقابة على المصنفات الفنية ونقابة المهن الموسيقية، ناقص هيئة المساحة الجيولوجية، لإلزام الشركة المنظمة للحفل بالإعلان عن (هوية) جميع المطربين.
ليه يا سيدى: حتى تتمكن الأجهزة الأمنية المختصة من إجراء التحريات الأمنية حول أفعالهم وسلوكهم، وسيرتهم الذاتية، والكشف عن هوياتهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم السياسية. (شفت مدى الحرص على الهوية بالتدقيق فى الهوية الدينية والسياسية).
والأنكى، عرض المحتوى الفنى على إدارة الرقابة على المصنفات، ونقابة المهن الموسيقية، للوقوف على ما يتضمنه، قبل التصريح بإقامة الحفل. (كلمة خارجة ولا تى شيرت أسود مقلم بحمالات عليه جمجمة بعيون خاوية).
فات على المحتسب طلب الكشف عن فصيلة دم «كانى ويست» وتحليل الحمض الريبى النووى منزوع الأكسجين DNA للمطربين الخمسة.
من أعطى الحق لهذا المحامى (المحتسب) لترهيب وزارات وهيئات، والوقوف موقف المدعى منها وعليها، وإحالة من يصرح بالغناء إلى متهم إلى أن يتم إلغاء الحفل؟!.
لا أتحدث عن سياحة، السياحة تلفظ أنفاسها، تترنح تحت وطأة السلفية المجتمعية، أخشى تجبر «المحتسبين الجدد» على مجتمع يبحث عن هويته فى بحر العولمة المتلاطم.
من وراء هذه البلاغات التى تتشح برداء الهوية والتقاليد المرعية؟، ومن هو محركها الفعلى؟، لا أهضم فقط كونها بلاغات للشهرة!؟
أذهب بعيدًا إلى جماعات بعينها تحرك هذه الدعاوى لفتن المجتمع، عجيب أمرهم يتسامحون مع الرقص الشرقى لأنه «شرقى» على سنة المجتمع المرعية، ويحاربون «الراب» لأنه غربى.
ومن البلاغ نقتطف فقرة دالة: «مدى اتساق واتفاق المحتوى الفنى مع قيم وعادات وتقاليد وهوية الشعب المصرى من عدمه».
المحتسب عين نفسه مراقبًا عامًا على المحتوى، يقف «زنهار» على ثغور الهوية المصرية، راعيًا للقيم والعادات والتقاليد المرعية!!.
أن يتنمر نفر من المدعين متمنطقين بالوطنية على السلطة، يترجم سلطة فوق السلطة، إنهم يحاكمون السلطة علانية، عجبًا أنها سلطة تستمع إلى موسيقى «الراب» فى سقارة!!.
ينصح تقليديا تجنب موسيقى الراب، والحجر على «ويجز»، واستتابته عن تعاطى موسيقى الراب، ويغنى أشعار الموشحات والأزجال، يا الله، كنا قد غادرنا هذا المربع المخيف، كيف عدنا إليه؟