قبل أن ينفد المخزون سينضج القمح فى الحقول، احتياطى مصر الاستراتيجى من القمح يكفى أربعة أشهر ويزيد، والتوقعات بمثلها فى الحقول، فلا داعى للقلق الذى تثيره قنوات معادية تستهدف إقلاق المصريين.
القلق الحميد وطنيًا مشروع، ولكن القلق الخبيث (مكايدة)، والذى يستبطنه المرجفون فى المدينة وينفثونه فى وجوه الطيبين مخطط مرسوم لقلقلة الأوضاع المستقرة، مخطط معلوم لبث الذعر فى النفوس وفق تكهنات شريرة تتحدث بها منصات عقورة.
تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية، بعنوان «الحبوب: الأسواق العالمية والتجارة»، يُشخّص تأثير الحرب الروسية- الأوكرانية على واردات القمح والحبوب فى العالم (نشر مقتطفًا منه موقع «اليوم السابع») يبرهن على ما نقول وتقول به الحكومة صدقًا.
أولًا: تكفى احتياطيات القمح فى مصر 4.5 شهر من الاستهلاك على الأقل.
ثانيًا: واصلت مصر بناء صوامع جديدة وتوسيع سعتها التخزينية.
ثالثًا: يمكن أن تؤدى إصلاحات برنامج دعم الخبز إلى خفض الطلب على الواردات.
وفعلتها مصر بإرادة سياسية نافذة، مصر تمتلك ١٧٤ صومعة حديثة، كل منها تشكل مخزنًا ضخمًا بخلايا عملاقة على أحدث نظم التكنولوجيا فى حفظ الحبوب.
فضلًا عن السعة التخزينية، صوامع «القمح المتطورة» تحفظ الحبوب من العوامل الجوية، وينعدم الهدْر، والحبوب فى صوامعها محفوظة بعيدًا عن الحشرات والأمراض بأحدث نظم التبخير، الله يرحم شِوَن الغيطان المكشوفة، والفلاحون يعرفون أكثر، أهل الريف أدْرَى بشعابهم.
على أرض الواقع، زرت صومعة «بنى سلامة» من قرى محافظة الجيزة، وشاهدت صومعة عملاقة ترتفع نحو ٢٩ مترًا عن سطح الأرض، بـ١٢ خلية عملاقة، سعة الخلية ٥ آلاف طن قمح، حاجة تفرِح القلب.
عمليات الحفظ والتبخير والتهوية تُطمئن على سلامة المخزون الاستراتيجى من الأقماح المحلية والمستوردة، قمح المصريين فى أيادٍ أمينة.
ناقشت خبراء الأقماح، جميعًا متفائلون بمرور الأزمة العالمية فى الحبوب على مصر بأمان تام، بردًا وسلامًا، مصر محفوظة أولًا بعنايته سبحانه وتعالى، وتاليًا بجهد وتخطيط المخلصين من أبنائها الساهرين على توفير طعام المصريين.
وعدت من رحلتى، التى أَذَعْت وقائعها على «صدى البلد»، مجبور الخاطر، مطمئنًا تمامًا، ومتيقنًا من أن الإرادة السياسية حاضرة تمامًا فى المشهد الراهن، ومتحسبة لتقلبات الأسواق العالمية، ولم تتفاجأ بالحرب الأوكرانية.
ودليلى، رغم ضائقة الجائحة الفيروسية وتقطع سبل المواصلات، والإغلاقات الدولية لعامين متصلين، لم ينقص المخزون صاع قمح، وقبلها تم رفع سعر توريد القمح للفلاحين بمبلغ ٩٥ جنيهًا فى الإردب، لتشجيع المزارعين على زراعة القمح.
المخطط مرسوم بعناية، وهناك حافز جديد وجَّه به الرئيس، حافز محفز للفلاحين.
القمح عاد إلى صدارة المشهد الزراعى، تحديدًا فى الأراضى الجديدة، سيما «غرب غرب المنيا»، من أراضى مشروع المليون ونصف المليون فدان، والأصناف التى سهر على تكثيرها خبراء معاهد البحوث الزراعية تغل الكثير، أكثر من ٢٠ إردبًا للفدان، وهذا من حسن الطالع، وخير ربنا كثير.
يصدُق فينا قوله سبحانه وتعالى فى سورة قريش (الآية ٤): «الذى أطعمهم من جوع».. الحمد لله على نعمته التى أنعم علينا، وهذا من قبيل الشكر، وفى الحديث الشريف: «أفلا أكون عبدًا شكورًا».