توقيت القاهرة المحلي 06:30:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللهم إنّا استودعناك ابنًا صالحًا..

  مصر اليوم -

اللهم إنّا استودعناك ابنًا صالحًا

بقلم - حمدي رزق

«برد الأكباد عند فقد الأولاد».. كتاب يبحث في فضل الصبر على الابتلاء، طالعته مرات عند فقد الأحباب، ألتمس صبرًا، وبالأمس مجددًا في وداع مَن أحببت، في رحيل الموهوب الصحفى الجميل «أحمد النجمى»، الله يرحمه ويُحسن إليه، كما أحسن إلى مَن كان يحبهم.«سافر في يوم ما واعدنى، على الوصال وعاهدنى، وكان وصاله وداع»، طوال عام أخير انشغلت عنه، الدنيا تلاهى، وصار صمتًا لم نعتده، وكنت أسمع أخباره السعيدة على البعد، تزوج مجددًا، وحال سفرى إلى لندن أن أكون شاهدًا على عقد جديد يفتتح به حياة جديدة، وتمنيت له السعادة التي افتقدها طويلًا.

ولم أكد أحط الرحال، وأتواصل حتى قطع حالة الصمت، بتليفون دافئ، بقولته المحببة: يا أبانا الذي في المنيل، كيف أصبحت؟ وصل ما انقطع، استعدنا ذكريات خلت، وعلى وعد باللقاء في مقهى المنيل، حيث يطيب له شُرب القهوة المرّة، سادة بوش في فنجان.

عندما أخبرنى أخى وصديقى «أحمد أيوب»، رئيس تحرير مجلة «المصور»، بعد منتصف ليل الثلاثاء، بقوله: «البقية في حياتك.. أحمد النجمى تعيش أنت»، وبكى بكاء مرًا يقطع نياط القلوب، طفق لسانى يردد: كده فسرت الحلم، النجمى كان بيودعنى يا أيوب.. آه يا حبيبى، مهنش عليه يغادر دون وداع، سبحان من له الدوام.

رحل باكرًا، دون أن يحقق أحلامه، وكان جديرًا بالأحلام الكبيرة، موهبة صحفية نادرة، قلم سيال، مع مسحة سخرية محببة، ابن أبيه، ابن طيب الذكر العم المؤرخ الفنى الكبير «كمال النجمى»، كان ضليعًا في اللغة العربية، صائغ الكلمات، من جواهرجية الصحافة اللى إيدهم تتلف في حرير، القلم طوع بنانه، كنت أعجب من بلاغته، وإذا تفحص نصًا كان ناقدًا مبشرًا.. خسرته «دار الهلال»، خسرته مهنة تنزف جواهر التاج من الموهوبين.

وعن فقدى، لا تسل، ما بيننا تجاوز علاقات العمل، والأستاذ والتلميذ، تجاوزنا سويًا الزمالة والصداقة، ارتقى كونه ابنى الذي حملت همه، وفرحت بنجاحه، هو ابنى الذي ليس من صلبى، ودفنته على عينى. اللهم إنّا استودعناك ابنًا صالحًا.

الله يرحمه كان طيب، وريحه خفيف، ومنذ شاهدته لأول مرة في طرقات «دار الهلال» العريقة، اصطفيته ابنًا حبيبًا، وكان بارًّا بى، محبًّا، مخلصًا، وكنت أتابع منشوراته الصحفية على البعد باعتزاز وفخر، وجمعتنا أسرة طيبة، في «دار الهلال»، في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. لا أعرف لماذا كنت أحمل همه دومًا، قلب الأب، ولما كان يسألنى عن حبى له، أجيب بكل أريحية وصراحة، علاقة محبة لا شية فيها، خلوٌّ من أطماع الدنيا، وكان حظه من الدنيا قليلًا، حتى بعد أن ابتسمت الحياة بفرحة غادر إلى الحياة الأبدية، فيها السعادة التي تمناها، راحة بعد شقاء.

تودع ابنك، تنزع قلبك، تنزف نزيفًا داخليًا، أوراق شجرة المحبة تتساقط، حتى البراعم الخضراء تتساقط، أمام المقبرة فاغرة فاها، كل هذا العالم من حولى لا أحد، سبحانه وتعالى يلهمنا صبرًا، ويؤتينا عزمًا على مواصلة مشوار الحياة دون سند، دون عكاز نتسند به في الطرقات الخاوية من البشر الطيبين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللهم إنّا استودعناك ابنًا صالحًا اللهم إنّا استودعناك ابنًا صالحًا



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon