تعلقت به صغيرًا، حاولت مرارًا تقليده، فمى صغير بدون شلاضيم، لم أستطع تقليده، وبعد أن شاب الشعر منى وبلغت من العمر عتيًّا لا يزال سمعة يبهجنى، ويسعدنى.
كم أسعدنى سماعين، وقبل أن آوى إلى فراش ساخن من عذابات النهار، من الألم والنكد والغم، أبحث عن «سمعة»، أتقفى أثره فى كل قنوات المتعة الكلاسيك.
إذا عثرت عليه وحبذا لو كان رفيقه «عبدالفتاح القصرى» حاضرًا أستريح، شهيق، تغمض جفونى من طول أرق وإرهاق، أنام هانئ البال، مرتاح الفؤاد، يرسم بسمة تظل عالقة على شفتى حتى الصباح.
يتعجب ابنى: «إنت بتضحك يا بابا وانت نايم؟!».. أرد وأنا فى مزاج رائق: «عمك سمعة ملوش حل».
لم يخفف عنى وعن جيل الآباء المطحونين طحنًا سوى «سمعة».
إسماعيل ياسين المولود، فى السويس، فى 15 سبتمبر 1912، نعمة من الله، كنا ننطق اسمه ونحن صغار لا نميز الحروف، هكذا «سماعين»، وجد لنفسه من قبره مكانًا بين الأسرة، ألجأ إليه كلما استبد بى القلق، وأحن إلى ابتسامته فى زمن الهجير، وأشتاق إلى ضحكته كلما أظلمت فى وجهى.
لم يخِبْ ظنى أبدًا، لا أخفيكم سرًّا، «سمعة» هو صديقى الذى ائتمنته على ألمى فحوله إلى أمل، قادر على أن يبلسم الجروح، ويبهج النفوس.
بابا من زمن الأبيض والأسود، من«بتوع إسماعيل ياسين»، هكذا يتندر «بتاع توم كروز وعبده موتة» على العبد لله، ابنى الوحيد من جيل لم يجرب الضحكة الرايقة، والجملة النظيفة، والعذاب على شفاه تبتسم.
إسماعيل الوحيد الذى يُبكينى ويُشجينى، فخرًا آتيه أنا من «بتوع سمعة»، أنا من دراويش أبوضحكة جنان، ولا أشاهد غير سلسلة أفلام إسماعيل ياسين، من الطيران إلى الأسطول.
جد أعيش لحظات مفعمة بالبهجة مع مغامرات ساذجة، مفرطة فى البساطة، وجمل مبهجة من فرط طرافتها، أقع على ظهرى ضحكًا.
أحفظ أفلام إسماعيل ياسين عن ظهر قلب، كل لقطة، كل مشهد، كل ضحكة ضحكتها مئات المرات على مدار عقود خلت، «سمعة» كالجبنة الرومى كل ما يقدم يحلو.
جيل الآباء يبحث عن «سمعة» كل ليلة، خلاصًا من أفلام الرعب والأعضاء المتطايرة والدماء النازفة والخوف الأزلى التى غزت غرف النوم.
حتى رعب «سماعين» جميل، فى متحف الشمع كانت هناك مومياء قبيحة مخيفة، لكن مومياء على مين، على إسماعيل والقصرى، حتى أفلام الرعب عند «سمعة» نوع من الرعب اللذيذ، عمركم شفتم رعب لذيذ.
وعندما يحب على نفسه، ويغنى «حبك نار»، وتتجاهله الحبيبة، الجميلة عادة، ويقف أمام المرآة يندب شكله، يا عينى على الحب، على الصبر.
حب إسماعيل حب عفوى جميل، يأتى بأفعال عاطفية عجب، تهلك من الضحك، تسقط المحبوبة صريعة فى حب أبو «بق» كبير، «بُقّو» اسم لإسماعيل ياسين فى الكيلو 99.
تهرب من فضائيات الليل وآخره وفيها عشرات من المهابيل إلى إسماعيل اللذيذ، تفر من النكد، تحول الريموت إلى إسماعيل ياسين، وكأنك انتقلت إلى عالم آخر.
الضحكة، والنكتة، والمونولوج، والإفيه، والموقف، ينقلك بخفة إلى عالم مرييييييح، جميييييل، مبهج، «سمعة» لم يُضبط قط يوتر المشاهدين، إسماعيل ترياق فى زمن النكد الأزلى.