بقلم - حمدي رزق
هُنَيْهة، نهدى ونصلى على النبى، هل قضية مصر المصيرية هى الحجاب، هل الحجاب أولوية أولى لتفرد لها هذه المساحات فى الفضاء العقلى، على البهلى بلا ضابط عاقل ولا عقل رشيد، أليس هذا من الجدال المذموم فى عرف الفقهاء؟!.
لو توفرت المؤسسة الدينية توفرها على تأصيل وجوبية الحجاب، توفرت على معالجة شرعية رشيدة لقضية الزيادة السكانية المرعبة التى تدهمنا، بمعدل (ربع مليون نسمة فى الـ٥٩ يوما الأخيرة)، يقينا لتغير وجه الحياة، ولو تحجبت نساء مصر جميعا، ما تغير وجه الحياة طالما الزيادة السكانية تلتهم معدلات النمو بضراوة!!.
فقهاء المؤسسة الدينية ينفقون جل جهدهم فى قضية قتلت جدلا، ولا يلقون بالا لأخطر قضايا الوطن، قنبلة موقوتة ستنفجر فى وجوهنا جميعا، ونحن عنها غافلون!!.
فى سياق الدفاع عن المؤسسة، سيقول قائل باسمها، المؤسسة قالت قولتها فى الزيادة السكانية، وسيسرد عليك ثبتًا من فتاوى وأقوال سبقت، خلاصته المؤسسة لم تتأخر، ولم تتول يوم الزحف.
جد هناك ما نسميه إغماض أعين، وما صدر عن المؤسسة مناسباتيا أقرب لذر الرماد فى العيون، والمؤسسة تستبطن حديث «التكاثر» مباهاة بالكثرة، والعامة يرددونه فى مواجهة دعوات تنظيم النسل، حتى المصطلح عليه خلاف، تنظيم أم ترشيد، أو غيره من مسكوكات لم تمس لب القضية، يدورون حول القضية، ومن اقترب احترق!!.
فى باب جلب المصالح ودرء المفاسد، وتعتبر من قواعد الفقه الإسلامى المندرجة تحت القاعدة الأم «لا ضرر ولا ضرار» والتى تكشف من خلال تطبيقاتها وما يندرج تحتها عن مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، وهو منع الفعل الضار فى جميع صوره قبل وقوعه احترازًا، ومعالجة أثره بعد وقوعه... هلا طبقنا هذه القاعدة الفقهية على قضية الزيادة السكانية، هل تقر المؤسسة تطبيقات الحد من الإنجاب فى سياق منع الفعل الضار فى جميع صوره قبل وقوعه احترازًا؟!.
أخشى ستلتف على الحد من الإنجاب، بمصطلحات ترشيد أو تنظيم؛ هروبا من نزع فتيل القنبلة السكانية، هروبًا للأمام.
لو صدحت المؤسسة الدينية بالقول، وواجهت بشجاعة ما نسميه «الانتحار الجماعى» بالتوالد كالأرانب، وقالت هذا حرام قطعيا، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وأعطت ولاة الأمور رخصة مواجهة القنبلة السكانية بالحد من الإنجاب وتحديد عدد المواليد، كما فعلت دول سبقتنا بسنوات ضوئية، لما تضاعف عدد السكان بشكل يهددنا بالجوع مستقبلا. التلهى عن القنبلة الموقوتة، بحديث الحجاب، يحرف البوصلة المجتمعية عن إدراك فقه المقاصد العليا، يحرفنا عن مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو منع الفعل الضار فى جميع صوره قبل وقوعه احترازًا.
ووفق فقه المقاصد، أطالب هيئة كبار علماء المؤسسة بأن تخرج على الناس فى بيان، يقطع بالقول فى هذه القضية المصيرية، وتبين مقصد المصطفى صلى الله عليه وسلم فى حديثه «تناكحوا تناسلوا فإنى مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة».
علمًا أن دار الإفتاء ذهبت إلى: «وأما مباهاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته، فلا تكون من خلال كثرة أعدادهم من ناحية الكم والعدد، وإنما تكون بما قدموا للبشرية من علم وحضارة وإنجاز.. أما من ناحية الكم والعدد فقط فقد ذمه النبى، صلى الله عليه وسلم، فى حديث آخر حيث قال: (غثاء كغثاء السيل) أى العدد الكثير الذى لا وزن له».. عليه أفضل الصلاة والسلام.