فليرحل بقيظه.. أتحدث عن صيف هذا العام الذى لفحنا بقسوة، واضطرنا اضطرارًا لتخفيف الأحمال، المحبون للشتاء ينتظرونه على أحرّ من جمرات الصيف، يطلبون الخريف عاجلًا، هدنةً، وتهيئةً لقدوم الشتاء، الشتاء آت فلا تستعجلوه.
ينتهى فصل الصيف يوم السبت الموافق 23 سبتمبر الجارى، وبعدها سيحل فصل الخريف لمدة 4 أشهر.. هدنة مناخية.
يوم الجمعة 22 ديسمبر 2023 سيبدأ فصل الشتاء فى مصر، ومعه تغيير الساعة إلى التوقيت الشتوى بداية من يوم الجمعة الموافق 27 أكتوبر 2023.
الخريف بات مطلبًا مُلحًا، يودعون الصيف غير آسفين، يودعونه بسؤالٍ كما ودّعه طيب الذكر الشاعر الرقيق «مأمون الشناوى» فى أغنية الربيع التى شدا بها الجميل «فريد الأطرش»:
(لمين بتضحك يا صيف لياليك وأيامك؟
كان لى فى عهدك آليف عاهدنى قُدامك
وكان لى فى قلبه طيف يخطر فى أوهامك..).
لم يستغرق الخريف سوى بيت شعر فى أغنية «الربيع»، هكذا سريعا، مر الخريف بعده؛ دبّل زهور الغرام، والدنيا من بعده هوان ويأس وآلام.. الخريف يأتى ليرحل سريعًا، وكأنه يبشر بالشتاء.. يا خوفى من الشتاء المقبل، توقع شخصى لا تسنده توقعات الأرصاد، سيكون شتاء سيبيريا زمهريريا بقسوة الصيف.
عفوًا «جماعة البلاطِى»، محبى الشتاء.. المناخ يتغير، يتنمر علينا، يُصلينا صيفًا بنار موقدة، ويجمدنا شتاء كالفراخ فى الفريزر، حتى الربيع لم يعد يبهج البشر، برد الشتاء كارف على الربيع.
أما عن الخريف فلا تسل.. الفصل المسروق.
وحتى لا تختلط عليكم الفصول، فصل الخريف يقع بين فصلى الصيف والشتاء، حيث تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض بشكل تدريجىّ، وتكون درجات حرارة الخريف بين حرارة فصل الصيف وبرودة فصل الشتاء، فى خطوط العرض المتوسطة والعالية، ويكون فصل الخريف فى المناطق القطبيّة قصير جدًا.
وفيه يتغير لون أوراق الأشجار، وتنمو فراء الحيوانات لتصبح سميكة، وتُهاجر الطيور إلى منطقة خط الاستواء تحسبًا لبرد الشتاء.
تُستخدم كلمة (autumn) فى بريطانيا وأستراليا للدلالة على فصل الخريف، بينما تُستخدم كلمة (fall) على نطاق واسع فى شمال الولايات المتحدة الأمريكيّة، وتعنى «سقوط»؛ وذلك لأنَّ هذا الفصل يشهد تساقط أوراق الأشجار.
الثابت يقينًا والصهد يلفح الوجوه؛ أن المناخ المصرى تقلب تمامًا، صار متقلبًا، مزاجه متعكر، وأرجو ألا يستنيم خبراء الأرصاد طويلا إلى قاعدة «حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاءً»، ويُسقطون فصل الخريف وكأنه ساقط قيد.
العالم بأسره يعيد حساباته المناخية، لسنا استثناءً، ومستوجب أن نذهب سريعًا إلى قراءة جديدة لمؤشرات المناخ المصرى خلال العقد الأخير على أقل تقدير.
هذا من قبيل الأمن القومى الذى يرتهن بالأمن الغذائى، فضلًا عن معايش الناس، وطبيعة اللباس، وشيوع الأمراض، ومتوالية الأوبئة القادمة من خارج الحدود فى بلد تلفه صحراوات قاحلة ذات مناخ قارى.
القاعدة الشعبية السارية بين الناس: جو خانق صيفًا.. إذا جاز هذا الوصف مناخيًا. القاعدة القديمة «حار جاف صيفًا» استنّها علماء، وتغييرها سيقوم عليه علماء، فلينهض خبراء المناخ الوطنيون بمهمتهم المناخية مع حلول فصل الخريف.