بقلم - حمدي رزق
شائِع أن ذاكرة الأسماك تمتد لثلاث ثوانٍ فقط ولا تتجاوزها، والحمد لله لسنا سمكًا فى مَيّة، وذاكرتنا ليست سمكية، وكل مشهد فى مسلسل (الاختيار/ ٣) مطبوع فى الذاكرة الوطنية، وله مراجع محفوظة فى لجان تقصِّى حقائق، وتحقيقات نيابة، وقضايا بعضها لايزال منظورًا أمام القضاء المصرى العادل، فضلًا عن الذاكرة الإلكترونية المستدامة على «يوتيوب».
على وقته جاء مسلسل (الاختيار/ ٣) ليوقظ الذاكرة الشعبية، يُنعشها، وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين بالقضية الوطنية فى مواجهة آلة الكذب الإخوانية العقورة، التى تكذب على مدار الساعة لمواجهة وثائقيات (الاختيار/ ٣). جُنَّ الإخوان، جُنَّ جُنُونُهُم، فطفقوا يهذون ويهرفون بساقط القول.
عرّج المسلسل بذكاء واحترافية على سيرة الإرهابى «أسامة ياسين عبدالوهاب»، ودوره الخفى فى تنفيذ العمليات الإخوانية القذرة بواسطة عناصر (الفرقة ٩٥)، فرقة الاغتيالات الإخوانية السرية، التى شاعت عملياتها فى التحرير أثناء أحداث يناير.
الإرهابى «ياسين»، مواليد ١٩٦٤ بالقاهرة، استشارى طب الأطفال، وزير الشباب فى حكومة الإخوان الأولى والأخيرة، انتمى إلى الإخوان عام ١٩٨٥، أما عن عملياته الإرهابية فمراجعة لحديثه المسجل مع الإرهابى «أحمد منصور»، مذيع الجزيرة القطرية، ضمن سلسلة «شاهد على الثورة المصرية»، ولمَن لم يشاهده ويشكك فى رواية (الاختيار/ ٣)، الحديث على «يوتيوب»، وفيه يفتخر «ياسين» بفُجر بـ(الفرقة ٩٥) ودورها فى تصفية المطلوبين إخوانيًّا.
الفيديو على «يوتيوب» مدته (4.7 دقيقة)، تخللته ضحكات مجرمة من «ياسين» ومحاوره الإرهابى «منصور» على مشهد قتل أحد المتظاهرين.
يمثل «ياسين» عملية القتل فى الفيديو بدم بارد، وقهقهات «منصور» الشيطانية تشجعه، وكيف أن الشهيد بعد أن أوسعته (الفرقة ٩٥) ضربًا أعلى العمارة (٢) فى ميدان التحرير، يرفع سبابته وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، بين يدى «ياسين»، بعلامة التشهد. يقترب «ياسين» ليسمع منه مفاجأة: «أنا من إخوان شبرا، تبع (البلتاجى)»!!.
الفيديو (الفضيحة) يعترف فيه «ياسين» بقيام فرقته بقتل إخوانى من شبرا (تبع البلتاجى)، والأخطر أن «ياسين» يرى أنها من الأخطاء المهضومة، وببرود قاتل يقول: «لكل معركة أخطاء»، ويهزل فى موضع قتل: «نيران صديقة»، ولا يترحّم على الشاب الإخوانى، ولا يستغفر الله فى قتل نفس حرّم الله قتلها إلا بالحق.
واعتراف القاتل مُسجَّل بالصوت والصورة، وشاهد عليه «منصور»، الذى كان مغتبطًا أثناء روايته مشهد قتل مع سبق الإصرار والترصد، بأمارة (ما كان صوت القاتل مبحوح) من إصدار التعليمات تواليًا وتوجيهًا لفرقته القتالية، التى كانت مُزوَّدة بالدروع وهى تقتحم الممر المؤدى إلى العمارة (٢) بميدان التحرير لتحريرها من البلطجية، الذين ثبت أنهم من إخوان «البلتاجى» بشبرا.
وثائقية «الاختيار» فضحت دور «ياسين»، الذى تجاهلته لأسباب غامضة لجنة تقصى الحقائق التى تشكلت آنذاك، ويعرف ملابساتها بدقة وزير العدل، عمر مروان، (كان رئيسها)، وقدمت تقريرًا لم ترِد به أى إدانة للفرقة ولا لأسامة ياسين، ولو من باب ذرّ الرماد فى العيون، رغم أنه كان بحوزتها تسجيل فريد حقيقى ليس مفبركًا، اعتراف كامل غير منقوص بالفرقة بكامل إرادة وزير الشباب ساعتها، (أسامة ياسين)، وفى كامل قواه العقلية!!.