بقلم - حمدي رزق
نعم، «دعونا لا نتشتت ولا نترك الحق الفلسطينى يتراجع فى وعينا واهتمامنا ودعمنا، كما تراجعت أنباء حصار غزة فى جدول برامج القنوات التليفزيونية العالمية، فليست القضية الفلسطينية خبرًا عابرًا ولا قصة مثيرة، بل مصير شعب محاصر ومعتدى عليه وواقع تحت الاحتلال، وهذه لاتزال الأولوية».
يعدينا بعقل راجح، الدكتور «زياد بهاء الدين» إلى جادة الطريق، يحفزنا مجددًا إلى تحرى «فقه الأولويات» العربية والوطنية. يدعونا إلى الاصطفاف سريعًا فى قلب محنة شعب ممتحن، مبتلى باحتلال عقود، يستهدف الحرث والنسل، ويستخدم ترسانة أسلحة تدميرية لإبادة شعب وقطع نسله، لاحظ التركيز على حصد أرواح النساء حتى ينقطع خلف الفلسطينيين، والأطفال لمصادرة المستقبل.
ليست خسائر حرب، كما يزعم ألسنة الاحتلال فى الغرب، وبين ظهرانينا للأسف، بل «حرب إبادة» كما تترجمها المراجع العسكرية العالمية، وتصفها القواعد الأخلاقية الحاكمة فى زمن الحرب.
جد ضبطت (نفسى) وقد غادرت مربع العمليات فى الأرض المحتلة، كما غادرها كثير لأسباب، تتعدد الأسباب والنار التى يكتوى بها أطفال فلسطين مستعرة، وتلبسنى أسى وحزن شفيق، أيقظنى (من غفوتى الوقتية) ما خطه الدكتور زياد لمس جرحًا لايزال طريًا، عد الجروح يا قلم.
القضية الفلسطينية رأس الأمر، وعموده الحق الفلسطينى فى دولته المستقلة، وذروة سنامه النضال لوقف (حرب الإبادة). وتعاونوا على كف العدوان الإسرائيلى، والمعنى فى الحديث الشريف فى «صلاة الجماعة» ينسحب على الحالة العربية إزاء القضية الفلسطينية، ووجب سماع النداء الشريف: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ، وَحَاذُوا بَينَ المنَاكِب، وسُدُّوا الخَلَلَ، وَلِينُوا بِأَيْدِى إِخْوَانِكُمْ، وَلا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ للشيْطانِ، ومَنْ وصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّه، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعهُ اللَّه».
والدعاء موصول «من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر»، والعبارة من مأثورات طيب الذكر الراحل «أحمد بهاء الدين»، والد المفكر الكبير «زياد بهاء الدين»، وسكَّه فى عدد من مجلة «الهلال» المصرية عام 1962.
صحيح الفضاء العربى تبدلت أوصافه من المحيط إلى الخليج، ولكن الشعوب العربية العظيمة لا تتغير مياهها، ولا تتبدل أولوياتها، وتظل القضية الفلسطينية رأس أولوياتها بحسب فقه الأولويات.
قد تنحرف الأقلام، وتضل، وقد تشيه الصور وتغيم، وقد يختلط علينا الأمر فى ضبابية المشهد الكئيب، والثابت أن الحرب على غزة فطرت قلوب أجيال جديدة، فسكنتها القضية الفلسطينية، عادوا سريعًا من التيه والشتات إلى موقعهم الطبيعى من القضية، باتت أولوية أولى، تلهج أفئدتهم باسم وطن عزيز سليب اسمه «فلسطين».
لو علم مجرمو الحرب حماقة فعلتهم الغادرة، وحصادهم المر، سيجنون خسارة مستقبلًا، وسيدفعون الثمن غاليًا، الشباب العربى على اختلاف مشاربهم عادوا سيرتهم الأولى اصطفافًا حول شعب الصابرين.
القضية الفلسطينية استعادت موقعها فى الإعراب العربى، والحق الفلسطينى يتحلق حوله المليارات من القلوب المفطورة من هول ما ترى على الهواء مباشرة.
قد يكسب «نتنياهو» معركة مختلة موازين القوة، ولكنه سقط من حالق وشعبه فى بئر الغضب العربى.. وسيرى عجبًا. الغضب الساطع آتٍ، وأنا كلى إيمان، الغضب الساطع آتٍ، سأمر على الأحزان، من كل طريق (آتٍ)، بجياد الرهبة (آتٍ)، وكوجه الله الغامر (آتٍ، آتٍ، آتٍ). (من كلمات أغنية «زهرة المدائن»، القدس، لفيروز. ألفها ولحنها الأخوان رحبانى، عقب هزيمة العرب فى حرب 1967).