توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى معنى أَن تَرْحلَ وحيدًا!!

  مصر اليوم -

فى معنى أَن تَرْحلَ وحيدًا

بقلم - حمدي رزق

عندما تطغى الحسابات السياسية البغيضة على الإنسانيات، فهذا من قبيح الحسابات، توفى الدكتور «جهاد عودة» وحيدا، كان لوحده تماما لأكثر من عام تقريبًا، فتطوع أحدهم بالشماتة، باعتباره مغسل وضامن جنة، حد عارف بأى أرض يموت، «وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (لقمان / ٣٤).

الله سبحانه وتعالى عليم خبير، فلا يخفى ما فى التألى على الله من الجهل به تعالى، وبما اتصف به سبحانه من حلم، وسعة رحمة، ومغفرة، وما فيه من سوء الأدب مع الله تعالى، فلا تزعم علما ولا خبرة، ولا تشمت فى الموت، النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك».

يقول الحزين، «فى داخلى: بقايا راحلين وقلب ينادِى الغَائبين.. لطفًا بنا فقد أرهقنا الحَنين»، رحمة الله عليه أخلص فيما يعتقد أنه صوب، ولكل حساباته السياسية، ولكن فى الحسابات الإنسانية، رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اذكروا محاسن موتاكم، وكفُّوا عن مساويهم»، فكفوا عن الرجل أذاكم فى قبره، وتذكروا محاسنه، وكان طيبا راقيا، يقابل الإساءة بقهقهة عالية، حتى لا ينجر إلى معارك جانبية تحرفه عن طريق رسمه لنفسه.

أكتب مبتئسا من حالة الفقر الإنسانى المسيطرة، «شذاذ الآفاق» أطبقوا على الأنفاس، و«شاذّ الأفق»، مصطلح تحقيرى لغويا، أصبح معتادا مع كل رحيل، ويصف مجموعة من البشر الغرباء المتصحرين إنسانيا.

نحِّ العقورين جانبا، دعهم فى غلهم يعمهون، لا محل لهم فى ركب الإنسانية، الخيرون كثر، لسه الدنيا بخير، ومن الطيبين الشاعر الكبير «زين العابدين فؤاد» الذى أفزعه موت الرجل وحيدا، فطفق يغرد حزينا، رقة شاعر لم تلوث فطرته الإنسانية ثارات سياسية.

يرحمه الله، الدكتور جهاد، كان لطيف المعشر، يتشوق للقاء الأحبة، ويبحث عنهم، ويناغشهم إنسانيا بصوت جهورى.. لو قرأ المرحوم ما كتب عنه بعد رحيله من كلمات طيبات، لمات سعيدا هانئا.

أفة حارتنا النسيان، ننسى فلا نأسى، ننسى الأحباب فى لجة موج الحياة، لا سؤال ولا ود، ولا مودة، نعيش فى صحراء أنفسنا،لا عطف فيها ولا حنان.

وَتَوَاصَوْا بالمودة، وسائل التواصل الاجتماعى باتت وسائل التباعد الاجتماعى، تمر بنا الأفراح والأتراح فحسب مجاملة برسالة باردة، لا تغنى ولا تشبع من جوع للحميمية، للتواصل الإنسانى الذى يشيع الدفء فى الأوصال المتسيبة من فرط البرودة والاغتراب.

الوحشة سكنت البيوت، العنكبوت عشش على القلوب، الونس حياة، مضاد للاكتئاب الذى بات مرضا سريا يهدد حيوات البشر.

البعض يموت قبل أن يموت، موت بطىء من قسوة الصقيع الإنسانى، لا حد حاسس بحد ولا حد شاعر بحد، غربة فرضت علينا قسرا.

البعض يمضى ساعات طوالا أمام شاشة الموبايل فى عبثيات عصبية، ولكنه لا يتعطف ولا يتحنن بكلمة حلوة، ضنين، شحيح بالعواطف، صحراء رغم كثافة البشر من حولنا، صدق من قال كل هذا العالم من حولى لا أحد، الله يرحمك يا دكتور جهاد رحلت وحيدا!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى معنى أَن تَرْحلَ وحيدًا فى معنى أَن تَرْحلَ وحيدًا



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon