بقلم - حمدي رزق
في فقه أفضل الأعمال الحكومية، تتصدر المراجعات الشهرية التي يتولاها (بنفسه) المهندس «مصطفى مدبولى»، رئيس الوزراء، لحصاد جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة بمجلس الوزراء والجهات الحكومية المرتبطة بها.
يراجع (شهريا) في جلسة مطولة التقرير المُفصَّل الذي يتوفر على إعداده الدكتور «طارق الرفاعى»، مدير المنظومة، متهم مدبولى بالتفاصيل ويسأل عن مستوى الاستجابات الحكومية، ويراجع على وزرائه وكبار المسؤولين.
تخيل من الخيال، منظومة الشكاوى الحكومية استقبلت ورصدت (108 آلاف شكوى وطلب واستغاثة) خلال شهر يونيو الماضى فحسب، بمعدل 3.600 شكوى يومية، 150 شكوى في الساعة، شكويين ونصف في الدقيقة.
الحمد لله شكاوى المصرى الفصيح تجد آذانا صاغية، تسمع باهتمام، وتستفسر عن التفاصيل، وتحاول إزالة أسباب الشكوى.
بعد المراجعة والفحص المبدئى للشكاوى المسجلة خلال الشهر، تم توجيه (86 ألف شكوى) لجهات الاختصاص المختلفة والمرتبطة بالمنظومة إلكترونيًا، وحفظ (17 ألف شكوى)، وفقًا للقواعد وضوابط الفحص قبل توجيهها للجهات المختصة، وجارِ استكمال مراجعة واستيفاء بيانات (5 آلاف شكوى وطلب) تمهيدًا لاتخاذ ما يلزم بشأنها.
المهندس «مدبولى» يعلم علم اليقين أن «منظومة الشكاوى» باتت خطا ساخنا بين الحكومة والشارع، سيل الشكاوى المنهمر على المنظومة يستلفت الانتباه، ما يؤشر على حجم «الثقة المجتمعية» التي تحظى بها المنظومة، ونجاحها راجع بالأساس إلى جهد ومصداقية العاملين في التعاطى مع شكاوى الطيبين، بمنهج وضمير ورغبة في الخدمة المجانية.
منظومة الشكاوى باتت ملاذا للمظلومين، والمتعبين، والذين ضاق بهم الحال فالتمسوا حلولا، وهذا من طيب الأعمال الحكومية، وعن تجربة حقيقية، لم تتأخر المنظومة، يوما، عن شكوى مرسلة (من جانبى) تخص مواطنا غلبانا غلقت دون حاجته الأبواب، ففتحها شباب المنظومة المتطورة الذين يواصلون العمل ليل نهار، وعلى مدار الساعة على خط ساخن.
عكسا، الأرقام المعلنة تؤشر بوضوح على ضعف استجابة «النهايات الطرفية» في الجهاز الإدارى للدولة لشكاوى المواطنين، فيلجأون مضطرين إلى الطريق البديل وهو (منظومة الشكاوى الحكومية المركزية) لأنها الناجزة، وكلما تحسنت الاستجابة، والتواصل، والعمل على حل المشكلات في أماكنها ريف أو حضر يقينا ينقص محصول المنظومة.
والسؤال: إذا كانت الاستجابة سريعة وفورية هكذا عبر المنظومة، لماذا تتعطل استجابات الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات لشكاوى المواطنين (مباشرة). والدليل أن الوزارات والمحافظات تحوز نصيب الأسد من الاستجابات لمجمل الشكاوى الموجهة عبر المنظومة، فلماذا تضن هذه الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات عن الاستجابة مباشرة؟!.
أعرف أسبابا، منها الجدية وسرعة الاستجابة والتواصل الساخن لدى شباب المنظومة، بمجرد تلقى الشكوى يتم العمل عليها، والشكوى لا يمر عليها (٢٤ ساعة) في المنظومة دون تذليل أسبابها وحلها أو توفير رد عليها مع اقتراح البدائل إذا تعذر الحل.
المنظومة إذن باتت تشكل «ديوان مظالم» وطنيا معتبرا، وتؤسس لنسق حكومى يعمد إلى التواصل الفعّال مع المواطن، مهمة هذه المنظومة في عمق الدولاب الحكومى، رئة جديدة، مساحة للتنفس، والتنفيس عن الناس، ما يجلب رضاء يترجم إلى بعض من السعادة، وسعادة المواطن أسمى أمانينا.