بقلم - حمدي رزق
صاحب واجب، تعزية مُقدَّرة من الإمام الأكبر الدكتور «أحمد الطيب»، لقداسة البابا «تواضروس الثانى»، ولعموم الإخوة المسيحيين، فى استشهاد القمص «أرسانيوس وديد»، كاهن كنيسة السيدة العذراء وماربولس بالإسكندرية.
وبعد التعزية، شيخ الأزهر يحذر: «فليتنبَّه الجميع إلى أن هذا الحادث وأمثاله هو طريق مُعبَّد لإشعال الحروب الدينية بين أبناء الوطن الواحد»، ويُطالب الجميع بأن يتيقَّظوا لمثل هذا المخطط، وأن يعملوا على إجهاضه أولًا بأول.
الإمام والحادبون على سلامة الوطن يتحسّبون، فالحادث فى توقيته وطريقته يَشِى بالكثير، وبيان النائب العام المستشار «حماده الصاوى» بسرعة إنجاز التحقيقات ضرورة لكشف ملابسات الاعتداء الآثم بعيدًا عن الاستنتاجات والتكهنات.
نُعزِّى أنفسنا، القمص «أرسانيوس وديد»، شهيد الوطن، رجل دين معروف فى كرموز برقة حاشيته، لم يؤذ أحدًا، يمشى فى جماعة على كورنيش الإسكندرية، يقطع عليه الطريق قاتل متربص، يذبحه من رقبته، دون أن يطرف جفنًا، أو يجفل طعنًا، ليسقط القمص الطيب مضرجًا فى دمائه الزكية.
القِصاص العاجل ضرورة مستوجبة، مثل هذه الحوادث نُذُر ريح سوداء، رياح السَّموم تلفح الوجوه، سكين يفتح جرحًا غائرًا فى جنب الوطن.
من حق إخوتنا أن يحزنوا، وما يُطمئن أن العدالة ستأخذ مجراها، فلا تجزعوا.
يبقى الإحساس الدفين بأن المسيحيين مستهدفون، أرجو ألّا يسيطر على التفكير ساعة الألم، ما يولد قلقًا يستتبعه غضب، ما نحتاجه والتحقيقات جارية بعض الهدوء حتى ينجلى الموقف، وتبين التحقيقات ملابسات الجريمة القذرة، وألّا نقفز إلى استنتاجات أخشى أن تذهب إلى تأويلات نحن فى غنى عنها الآن.
أقول قولى هذا، وحوائط «فيسبوك» مُجلَّلة بالسواد، حزنًا، والتأويلات جزافًا دون تبصُّر بالملابسات بين أيادى المُحقِّقين، ما يعطى الحادث أبعادًا طائفية بغيضة، كون الشهيد من رجال الدين المسيحى، والقاتل يُشاع أنه ملتحٍ ومن منطقة تشيع فيها السلفية، وفق التحليلات الفيسبوكية!!.
بالسوابق مثل هذه الحوادث تخضع لتحقيقات على أعلى المستويات لتجلية الأسباب، وتذهب من فورها إلى محاكمات عاجلة تجسيدًا للقِصاص، وحدث قبلًا.
فقط الهدوء رغم الحزن الساكن فينا، ونتريث «هنيهة» قبل إطلاق التكهنات مثل حيّات سامة فى الخلاء الإلكترونى لأن الصيد فى الماء العكر صنعة أعداء هذا الوطن.
نار الفتنة من مستصغر الشرر، والمرجفون فى المدينة سيشعلونها نارًا، إذ أقسموا ليَصْرِمُنَّها مُصْبِحين، حسابات وهمية تتخذ أسماء وشعارات مسيحية لتأجيج الفتنة الطائفية.
الحكمة ضالّة المؤمن، وبيان الكنيسة صدر عن بابا حكيم، لم يستبق التحقيقات، فحذارِ ثم حذارِ، دم الشهيد فى أيادٍ أمينة، مفتشو «الداخلية» عاكفون على تمحيص الواقعة، ولن يغمض لهم جفن حتى يضعوا النقاط فوق الحروف.. والنيابة العامة خير مؤتمَن.
مجددًا الشهيد شهيد الوطن وحق الشهيد فى رقابنا جميعًا، والقِصاص مطلبنا، والعدالة الناجزة علاج للنفوس الحزينة، ومن «رسالة فيلبى» التى حفظها القمص الشهيد وديد: «لِىَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا». (٢٣:١).