اكتشفت أن (الفوبيا) التى تتملك ذوى الأصول الاشتراكية والقناعات الناصرية من كل من وما يتصل بالرأسمالية، تحتاج إلى المراجعة والتصحيح والتذكير بأن «الرأسمالية الوطنية» مكون أصيل من مكونات قوى الشعب العاملة»..
أعلاه مقتطف لافت من مقال مهم للكاتب الناصرى الكبير «أحمد الجمال» منشور فى «المصرى اليوم» بتاريخ الأربعاء (26 يونيو الماضى).
لماذا هذه الوقفة المعطوفة على أعلاه، لأسباب أولها ما يخص «المراجعات الفكرية» عامة، وهى «فرض عين» على كل مشتغل بالرأى العام، ويخاطب العامة فى الطرقات..
وفى هذا يقول طيب الذكر المستشار «طارق البشرى» عن مراجعته الفكرية: «عندما تخرج من مرجعية فكرية لمرجعية فكرية أخرى تمر بمرحلة لا تكون هذه فقدت وجاهتها تماما ولا تلك اكتملت جاذبيتها لك.. فتصبح كأنك بين جاذبية كوكبين».
أخشى أن أستاذنا «الجمال» يراوح مكانه بين كوكبين، يراجع نفسه بنفسه، وهذا مدعاة للبشرى، الجمال يذهب إلى مراجعة طوعية، وتصحيح تاريخى، وتذكير متأخر بأن «الرأسمالية الوطنية مكون أصيل من مكونات قوى الشعب العاملة».
أن تأتى متأخراً خير من ألا تأتى أبداً، مثل هذه المراجعة التى تنطوى على تصحيح يضبط المسار الفكرى الذى كان يرى فى الرأسمالية «مافيا» وسلوكها يندرج تحت «اللصوصية» ومص دماء قوى الشعب العامل، يشربون من دمائهم لبنًا دافئا قبل النوم.
المعنى الكامن أن «الرأسمالية الوطنية» ليست عدوًا يخشى منه ونتحسب منه، بل مكون أصيل من مكونات الشعب العامل، لأنها من بين الصلب والترائب، ليست دخيلة ولا متطفلة، ولا تتغذى على دماء الشعب، بل تفتح بيوتا، وتوفر فرص عمل، وتستثمر فيما ينفع الناس، وما ينفع الناس مصانع ومزارع وعمران يمكث فى الأرض.
المراجعة التى يتحدث عنها الجمال فرض عين وليست فرض كفاية مجتمعية، المراجعات ضرورية للإفلات من فلك الفكرة الواحدة، والنظرة الأحادية الضيقة لمجتمع المال والأعمال.
عقود مرت وهؤلاء يشار إليهم باللصوصية، والإثراء الفاحش، واهتبال القانون، راجع 100 سنة سينما، ومثلها 50 سنة تليفزيون، ومثلها عقد من التواصل الاجتماعى، لترى كيف هم ينظرون إلى مجتمع المال والأعمال، لصوص أثرياء.
المراجعة ضرورية، لأن كل مجتمع فيه الصالح والطالح، الشريف واللص، وكم من نماذج معتبرة تستثمر وتعمل وتجتهد وتفكر وتبتكر فى مشروعات مثمرة، ولكن النظرة السلبية، والصورة القاتمة، والسمعة السيئة.. لاتزال تراوح مكانها، كيف يستثمر هؤلاء فى هذا المناخ اللافح والمزاج المتعكر.. مثل حرث فى الماء!!
التوجه الرئاسى فى «معركة الوعى» ليس بعيدا عن تجديد المنظومة الفكرية التى حكمت النظرة المجتمعية لثوابت الحالة المصرية، الثابت أن القطاع الخاص يقع على عاتقه ريادة الأعمال، وتوليد فرص العمل، والتصدير، وهناك تقديرات موثقة بأن 75% من فرص العمل فى عهدة القطاع الخاص.
المراجعة كما هى ضرورية على المستويات الفكرية الرشيدة، حتمية على مستوى الدولة المصرية، وأولاها احترام التوجيه الرئاسى بتهيئة المناخ لازدهار الأعمال، وتعبيد الطرق ممهدة وفتحها أمام قاطرات القطاع الخاص، وتمكين المستثمرين من مهمتهم، وتمليكهم ما يؤمن الأعمال من تعسف البيروقراطية، واستخدامها المفرط للقانون فى إجهاض المشروعات بدم بارد.
العقد كما يقولون شريعة المتعاقدين، والعقد غير المكتوب بين الدولة ومجتمع الأعمال يحتاج إلى مراجعة ضرورية وتصحيح وتذكير بمهمة الرأسمالية الوطنية فى بناء الدولة، مراجعة كالتى تحدث عنها الكبير «أحمد الجمال» أعلاه