«يطالب الأزهر الشعوب العربية والإسلامية وكل مسلم ومسلمة على وجه الأرض أن يستمروا فى مقاطعة المنتجات السويدية والدنماركية، مهما كانت صغيرة؛ نصرةً لدين الله وكتابه». (من بيان الأزهر الشريف).
والمقصود بالصغيرة ظنًّا، من المنتجات السويدية، الفازلين الطبى، ومعجون الأسنان المبيض، والصابون ذو الرغوة العبقة، والسؤال: هل نجحت المقاطعة سابقًا لتنجح تاليًا، وهل هناك حماسة لافتة لمطلب الأزهر الشريف؟.
لم تُختبر الدعوة الأزهرية بعد، ولكن تظل دعوة المقاطعة فى التحليل الأمين أداة احتجاج سلمية لمواجهة الاستفزازات المتواصلة ضد المقدسات الإسلامية، أداة هى الأكثر سلمية، لا تنتهج العنف مطلقًا.
ليست لدينا بيانات إحصائية سبقت عن تأثيرات مثل هذه الدعوات إزاء تصرفات عنصرية بغيضة حدثت تباعًا فى هولندا والدنمارك والسويد وفرنسا، لا توجد تقارير موثوقة، راجع دعوات المقاطعة، وتَبَيّن حجم التأثير دون مبالغات رقمية.
معلوم، إطلاق نداء بالمقاطعة لا يضمن استجابة فورية، وعدم الاستجابة، أو الاستجابة الخجولة، لا يقلل من تأثيرها. التفاعل المطلوب مع مثل هذه الدعوات من أكبر مؤسسة إسلامية سُنية فى العالم يحتاج إلى خطة ممنهجة تتضمن آليات فاعلة، لا يملكها الأزهر بالضرورة، فقط يمتلك قاعدة إطلاق الدعوات فى الفضاءين العربى والإسلامى.
بالسوابق دعوات المقاطعة لم توفر ردعًا مطلوبًا، ودليل تكرار الاستفزازات العنصرية على نحو بغيض، بل غض الطرف عنها من بعض الحكومات اليمينية المتطرفة، تحت زعم حرية التعبير، زعم كاذب، لو جربوه مع المحرقة لصُنفوا أعداء السامية.
الأزهر مؤسسة دعوية عالمية، لها تأثيرها الروحى، لكن رسالة الأزهر يجب أن تحلق عاليًا، إلى مخاطبة المنابر العالمية بالحسنى، بالعقلانية.
الأزهر من أرض مصر مؤهل للدعوة إلى مؤتمر عالمى للحوار بين العالم الإسلامى وأوروبا تحت رعاية الأمم المتحدة، بغية جبل المنظمة العالمية على تفعيل المادة (٢٠) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتنص: «تُحظر بالقانون أى دعوة إلى الكراهية أو القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف»، وحرق المصحف يمثل كراهية دينية وتمييزًا وتحريضًا على العنف.
قبل إطلاق دعوات المقاطعة، نتفقد الطريق، ماذا بشأن الاستثمارات المشتركة إن وُجدت.. وهل نفض هذه الشراكات..؟.
وإذا كانت هناك مصانع وشركات مشتركة فى بلادنا ويعمل بها عدد من شبابنا، فهل نجنى عليهم ويصبحوا متعطلين ونصبح على فعلتنا نادمين، وهل نستطيع تعويضهم ماديًّا؟.
وماذا لو أقدمت هذه الدول وشركاتها بالشكوى فى المنظمات والمحاكم الدولية، فهل يمكننا تحمل التعويضات عن خسائر المقاطعة؟.
وإذا كانت الحاجة ماسّة إلى بعض المنتجات، وخاصة الأدوية، فهل نستطيع الاستغناء عن الأنسولين المستورد ومشتقات الدم؟!.
الحكمة تقول إن السلاح الذى لا تتحمل تبعاته تجنب استخدامه، مطلوب مواقف عقلانية لا تنساق وراء عواطف دينية مشبوبة، ليست لإرضاء العوام، أو مجرد تنفيس عن غضب وإبراء للذمة!.
وعلينا أن نبحث عن وسائل أخرى أشد ثأثيرًا. إذا كانت هذه الدول تحتمى بمقولات فضفاضة عن الحريات وحمايتها، فإنها يجب أن تدرك أنها تنتهك حقوق المسلمين المقيمين على أرضها، وتحرض على كراهية المسلمين حول العالم.
الأزهر مؤهل لتدشين حملة عالمية تحذر من رد الفعل، قد تؤدى إلى موجة من الإرهاب تحت لافتات دينية سيكون مردودها خطيرًا على الجميع.