بقلم - حمدي رزق
أخشى حالة الصمت المريب على تهديد تنظيم القاعدة للكاتب الصحفى «إبراهيم عيسى»، قد تُفسر في الاتجاه الخاطئ فيطمع الذي في قلبه مرض، ويمضى في مخططه لاغتياله برصاصة في القلب بحسب نشرة التنظيم التي لفتت انتباه العالم من حولنا، ونحن عن نشرة التهديد غافلون!!
صحيح كما قال «عيسى» عبر «تويتر»: «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا»، ولكن الحذر مستوجب، فذئاب التنظيم الإرهابى المنفردة تجول في الأصقاع تتشمم دماء ضحاياها، وتتربص بهم الدوائر، عليهم دائرة السوء. ليست خدعة نتغاضى عنها، بل رسالة تهديد وبعلم الوصول، عبارة عن صورة تتجه فيها رصاصة لقلبه (قلب عيسى) وعليها عبارة «من لى بهذا الخبيث»، تخيل.. تنظيم إرهابى يحصد الأرواح، ويسفك الدماء، يصف «عيسى» بمنتهى الخبث بالخبيث، رمتنى بدائها وانسلت!!
هل بعد هذا التهديد الإرهابى تشكيك؟.. هل تنتظرون إهدار دمه حتى تصدقوا أن حياة هذا الرجل في خطر، ومستوجب حمايته من رصاصة غادرة كالتى اخترقت قلب المفكر الشهيد «فرح فودة»، أو سكين تُغرز في رقبته كالتى تلقاها طيب الذكر أديب نوبل «نجيب محفوظ»؟ هل تنتظرون فاجعة جديدة تدمى القلوب، ويخشى من هولها المفكرون، ويلوذون بالصمت خوفًا من الذئاب، وطمعًا وإيثارًا للسلامة، ما يعنى وأد التفكير؟! قد لا تفضل السباحة في مسبح إبراهيم عيسى.
ولا تذهب معه في مشواره الذي خطه لنفسه في محاولة قلقلة الموروث بحثًا عن المعنى الكامن فيما هو منقول عن الأسلاف، قربى إلى الحقيقة التي حجبتها التفسيرات والتأويلات والعنعنات التي تقتبس من القداسة قداسة تخلعها على المجتهدين، فتخلط بين ما هو ثابت نصًا منزلًا، وما هو نتاج عقل بشر، الخلط ينتهى بتخليط فينال العصمة من هو أبعد منها عنها.. أقول حقك أن تبتعد بمسافة عن فكر عيسى، ولكن عندما تتهدد حياته عينًا جهارًا نهارًا، مستوجب وقفة ليست مع «عيسى» دعمًا ومؤازرة في مواجهة خطر الإرهاب القاعدى، ولكن حماية لأنفسنا من خطر محدق بنا جميعًا.
كل من فكر استُهدف، ورصاص الإرهاب لا يميز ولا يفرق، أخشى أن نصمت هنيهة على تهديد عيسى، البعض لايزال يفكر ويفكر ويشكك ويشكك، فنصبح على ما فعلنا نادمين، ويصح فينا القول العربى المأثور «أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض».
الدولة وأجهزتها ليست بغافلة عن التهديد، وتقوم بواجبها خير قيام، وليست محلًا للمزايدات الرخيصة، ليست هناك دولة في العالم مثلنا تصدت وبشجاعة لخطر الإرهاب، ودفعت أثمانًا باهظة من الأرواح فداء لمنعة هذا الوطن، ولكن ما لفتنى غياب الدعم النخبوى الواعى والفاهم عن نصرة عيسى في هذه المواجهة القاسية، تقاعس العلمانيين والليبراليين والمفكرين (يمينًا ويسارًا ووسطًا) عن إدانة هذا التهديد الإرهابى حالة خمول تلبست الأوساط الفكرية، «الأنامالية» من الأمراض المتوطنة، لاتزال تحكم حركة العاديين، هل أصابت عقل المفكرين؟..
إنَّ غَفْلتَنا هي سَبَبُ ذلك! وعلى المستوى الدولى، نسمع ضجيجًا عند الحكم على إرهابى في محكمة مصرية مستوفاة الشروط العدلية، وجمع توقيعات، ومناشدات، ومانشيتات، وحقوق إنسان، والمفوض السامى وممثل الأمين العام، ومنظمة العفو والسماح، وفى حالة إبراهيم عيسى صمت القبور، لا نادى القلم، ولا نوادى الفكر، ولا مراكز التفكير، ولا جمعيات حقوق الإنسان، ولا هيئات ولا نوادى صحافة، أليس هذا غريبًا ومستغربًا؟!
خلاصته، دعكم من الاستغراب خارجيًا، خلينا هنا، دعوة للتضامن مع إبراهيم عيسى لأن كل جريمته التفكير.