بقلم - حمدي رزق
والعنوان أعلاه من الإبداع الشعبى الحاذق، وعليه، ناشدت الأمم المتحدة المانحين الدوليين، تقديم 71.4 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لتلبية احتياجات نحو 250 ألف شخص تضرروا من السيول في ليبيا.
منظمة الصحة العالمية من جانبها أعلنت أنها ستقدم مليونى دولار من صندوق الطوارئ التابع لها لدعم ضحايا السيول في ليبيا.
تسمع عجبا، مليونى دولار من الأمم المتحدة، ومليون دولار من..، ونصف مليون من.. وهكذا أرقام لا تغنى ولا تسمن من جوع!.
مقارنة لافتة بين مليارات الغرب المتدفقة على أوكرانيا لاستدامة الحرب واستنزاف دماء الدب الروسى، وبين ملايين المساعدات إلى ليبيا، الفتات، بالقطارة يقترون على المنكوبين الذين ضربهم الإعصار.
ينفقون على الحرب والخراب والدمار إنفاق من لا يخشى الفقر، ويبخلون على ضحايا الإعصار، البشرية فقدت رشدها، باتت تسعى إلى حتفها، يحكمها أمراء الحرب، يشعلونها نارا وقودها الناس والحجارة.
عندما يتحدث الغرب عن حقوق الإنسان والتنمية وجودة الحياة، تحسس رأسك، هذه عناوين سياسية للاستهلاك العالمى، لممارسة ضغوط سياسية، وتبرير تقاعسهم عن الغوث الإنسانى.. الواقع يقول عكس هذا، لو شهل الغرب مليارا من ملياراته التي يلقيها في أتون الحرب لإنقاذ ملايين المشردين والمفقودين في «درنة» بشرق ليبيا لأنقذ أرواحا بريئة، ولكفّن جثثا قذف بها الإعصار في اليم، لكنهم يتفرجون على هول الكارثة دون أن تقشعر جلودهم الغليظة.
سعيكم مشكور، سيل التعازى من العواصم الغربية ملفوفة في برقيات مبللة بالدموع، لن تكفكف دموع اليتامى والثكالى والأرامل، ليبيا تقاسى الأمرين في البر والبحر، والعالم يسد أذنيه عن صرخات الغرقى في اليم.
لو جَيَّشَ «حلف الناتو» بعض قواته كما جَيَّشَها لغزو ليبيا في زمن قريب، لكان للمأساة وجه آخر، في الغزو حاضرون، وفى الغوث غائبون.. في الحرب مدعيين، وفى الغوث منسيين، هذا إذا افتكرونا.
«مأساة درنة» أثبتت مقولة قال الإمام الشافعى «ما حكَّ جلدَكَ مثلُ ظفرِكْ فتـولَّ أنتَ جميعَ أمرِكْ»، ولولا نفرة العواصم العربية الشقيقة (وفى مقدمتها مصر الكبيرة التي حشدت جيشها وشعبها ومؤنتها لغوث الأشقاء في البر والبحر في واحدة من تجليات الشقيقة الكبرى)، لعاش الشعب الليبى ليلا ما طلع له نهار.
الغرب مشغول بمعاركه وحروبه الساخنة والباردة، وسباق التسليح، وحروب الغاز والبترول والدولار، وطريق الحرير، وطرق تخترق قارات ووديانا وصحراوات، يقتنص ثرواتنا كرها وغصبا، لا يحفل بنا، ولا ببلادنا ألبتة إلا في الملمات الديمقراطية.
العرب يصرف لنا مقررات الديمقراطية، ويضغطنا بحقوق الإنسان، لا يأبه بحق الحياة للإنسان الذي يغرق في البحر ويدهمه الزلزال، ويطيحه الإعصار، وتنهشه الأوبئة التي تُسلّعها شركات الأدوية العابرة للقارات في مضادات تغل المليارات استنزافا لمقدرات الشعوب المصنفة (نامية).
ويجرى تجاربه علينا صحيا، فإذا ما سقطنا مرضى أو صرعى، اكتفى ببرقيات تعزية ومواساة، ومليون دولار لذر الرماد في العيون، ويخطب فينا أمراء الحرب من المنصة العالية، هذا ما جنت أيديكم، وكأن الديمقراطية عصى موسى تلقف الإعصار، وتبتلع الزلازل، ونحن في كل الأحوال ضحايا، تخيل حتى الإعصار غربى واسمه «دانيال.