بقلم - حمدي رزق
كذب المنجمون ولو صدقوا»، ليست آية كريمة ولا حديثًا شريفًا، وإنما هي من العبارات صحيحة المعنى التي اشتهرت على ألسنة الناس.
الهولندى «فرانك هوجربيتس»، الذي تصدر الترند ومحركات البحث الإلكترونية مع وقوع زلزال «مراكش»، ليس منجمًا كاذبًا، لكنه عالِم زلازل مشهور بتوقعاته الصحيحة عادة، والتى ينسبها إلى حركة الكواكب والنجوم في أجواز الفضاء.
وصفًا، هوجربيتس أقرب إلى عَرَّاف، والعَرَّاف لغويًّا مُتَنَبِّئ، مُتَكهِّن، شَخْص يَدَّعى مَعْرِفة المُسْتَقْبَل، يُقال عنه مُنجِّم، وعادة ينصحون بأمثاله استشرافًا «اسْتشر عَرَّافًا»!.
المصريون يعرفونه جيدًا، ويتابعونه على منصة تويتر الإلكترونية بحذر يتحول إلى قلق كلما حدث زلزال في الشرق، يخشون نبوءاته السوداء، ويستعيذون منها، وتلهج ألسنتهم بدعاء الزلزلة.
عندما يغرد «هوجربيتس» يمسك العالم قلبه، قبيل زلزال مراكش الرهيب غرّد العَرَّاف الهولندى الأبيض على «تويتر/ إكس» قائلًا: في ٦ سبتمبر، حدث تقارب عطارد والزهرة. أتوقع مجموعة من الهزات القوية قريبًا. وحدث في بقعة غالية على قلوبنا في المغرب الشقيق.
فرانك هوجربيتس وُلد في مدينة «أمستردام» في هولندا، في عام 1968م، أي يبلغ من العمر 55 عامًا، حاصل على درجات علمية عليا في علم جيولوجيا الأرض، وله العديد من الإسهامات العلمية، ويظهر بشكل مستمر في العديد من المؤتمرات الدولية، لكن ظهوره على تويتر هو الأهم.
وتوقعاته لا تخيب. في أواخر عام 2022م ظهر في إحدى الفضائيات، وتحدث عن زلزال مدمر في تركيا، بالتحديد في منطقة «غازى عنتاب» وأن الزلزال سوف يمتد إلى سوريا.. وقد حدث.
ظاهرة هوجربيتس ماثلة على منصة تويتر التي تنقل عنه العديد من الأخبار الزلزالية التي تثير المخاوف من فرط دقتها زمانيًّا ومكانيًّا.. أقرب إلى عراف، مستبصر، لديه حدس علمى دقيق.
لماذا يخشى المصريون نبوءات العَرَّاف الهولندى الأبيض، يتشاءمون منه، فهو عندهم أَشأم وشُؤم، رَجُلٌ مشؤوم، أينما حلّ لا يتفاءل الناسُ بقدومه. يقينًا مشاهد زلزال مراكش المؤلمة تُذكر بمشاهد زلزال أكتوبر ١٩٩٢ الأليمة، نفس المشاهد تقريبًا هلع وفزع وافتراش الأرض تحت السماء، ودعاء ورجاء، يا خفى الألطاف نجِّنا مما نخاف.
المصريون يدعون من قلوبهم للأشقاء المغاربة بالسلامة وهم جزعون، حيارَى يتساءلون: هل مصر في حزام الزلازل الذي يضرب الجوار شرقًا وغربًا، ولاسيما أن الشهور الماضية شهدت متوالية هزات أرضية في مصر شعر بها بعض أصحاب الأعصاب الخفيفة، معلوم فيه ناس ملمِّسة أرضى تحس بالزلازل كالقطط!!.
حديث الزلزال يسرى، قلق المصريين له ما يبرره، خبروا الزلازل، زلزال ١٩٩٢ وقع إذ فجأة، كالصاعقة، في يوم ١٢ أكتوبر عند الساعة الثالثة و٩ دقائق عصرًا، وكان مركزه السطحى «دهشور» على بُعد ٣٥ كيلومترًا إلى الجنوب الغربى من القاهرة.
والسؤال مصريًّا مُلِحّ، هل دخلت مصر عصر الزلازل؟. هذا ما لم يُجيبنا عنه العَرَّاف الهولندى الأبيض.. ولا نطلب منه جوابًا، لكن المراجع الجيولوجية المصرية عادة ما تقول بالنفى، ولكن زلزال مراكش لم تكن له مقدمات، والأرض ساكنة قرنًا من الزمان، فتقلقلت إذ فجأة.. ربنا يسترها.