لا شكر على واجب، وثمَّن الرئيس الأمريكى «جو بايدن» فى بيان صادر عن البيت الأبيض «القيادة والشراكة الحاسمة» للرئيس السيسى والأمير تميم بن حمد، فى التوصل إلى هذا الاتفاق (اتفاق الهدنة الموقوتة، ما اصطلح على تسميته سياسيًا الصفقة).
شكر مستحق من قبل الرئيس بايدن، ومثله آيات الشكر من قادة العالم للقيادة المصرية التى قادت مفاوضات أقل ما تُوصف بالمستحيلة فى ظل ثأرية انتقامية استولت على عقل مجرمى الحرب فى إسرائيل تحت وطأة العار الذى لحق بهم جراء عملية طوفان الأقصى (٧ أكتوبر الماضى).
ما تم إنجازه جد كان من المستحيلات، الدبلوماسية المصرية دومًا قادرة على صنع المعجزات، وخبيرة بتضاريس القضية الفلسطينية، وخبراتها تراكمية، عقود طويلة من الجهد المصرى الدؤوب المخلص لتوطين السلام فى منطقة قلقة وكأنها خُلقت للحروب.
بذلت القيادة المصرية، وتبذل ما استطاعت إليه سبيلًا من أجل سلامة أطفال فلسطين الأبرياء، الرئيس السيسى ورجاله الخلصاء على مدار ٤٥ يومًا مضت لم يغمض لهم جفن، قائم وأركانه على إيقاف عجلة الحرب الهادرة فى غزة.
السيسى لا يكل ولا يمل حتى تضع حرب غزة أوزارها، وتنتهى المأساة الإنسانية، وتصير الأرض ممهدة لإحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين، ما يُجنّب المنطقة ويلات الحروب، وقد شهدت فصلًا مأساويًا خلال الأسابيع الماضية على طوفان الأقصى.
الرئيس السيسى لم يدخر جهدًا ولا وسعًا حتى أنجز مع الشركاء فى (الدوحة وواشنطن) هدنة إنسانية موقوتة (أربعة أيام) فى سياق صفقة لتبادل الأسرى بين حماس وحكومة نتنياهو، تقضى بإطلاق ١٥٠ من الأسرى الفلسطينيين (سيدات وأطفال) فى السجون الإسرائيلية مقابل ٥٠ رهينة فى حوزة حماس، ما كانت لتتم لولا الجهد المصرى الخالص والصادق.
الرئيس السيسى كعادته صموت، يقتات الصبر بصمت، يُجرى الاتصالات والوساطات والجهود الحثيثة لإيقاف آلة الحرب الإسرائيلية دون إفصاح، ودون ضجة وجلبة، الصمت البليغ، أحاط الوسطاء المصريون الصفقة بموجبات السرية التى يعتنقها الحكماء.
وعلى ذكر الصفقة، يصدق القول «إيه اللى رماك على المر، اللى أمر منه»، فقط هدنة لدفن الشهداء، وترتيب أوضاع الجرحى، ونقل الحالات الصعبة والمتأخرة إلى المستشفيات المصرية.
هدنة فقط لغوث المنكوبين، واستخراج الجثث المطمورة تحت الأنقاض.
شمال غزة باتت مقبرة جماعية مكشوفة تأمها الضوارى والكلاب الضالة تنهش الجثث المتحللة، غزة معرضة للأوبئة والأمراض التى هى أخطر من القصف الجوى.
فعلًا «ما يحسش بالنار إلا اللى كابشها»، مثل مصرى معبر عن حالة القيادة المصرية فى أتون حرب غزة، والقيادة كابشه جمرة نار، القضية الفلسطينية جمرة نار موقدة، وكابشها ممتحن. حمل ثقيل تنوء بحمله الجبال.
القيادة الممتحنة تحمل عبء القضية الفلسطينية صابرة محتسبة من أجل تأمين حياة رضيع فلسطينى يصرخ من البرد والجوع وقسوة الألم.
ولا يتبعون جهدهم منًّا ولا أذى، رجال صدقوا، يصلون الليل بالنهار فى عمل دؤوب، يجتهدون فى صمت، ولا يُصرحون، ولولا جهودهم الحثيثة لكان للقضية وجهٌ آخر.