توقيت القاهرة المحلي 06:30:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تسوس الحياة!!

  مصر اليوم -

تسوس الحياة

بقلم - حمدي رزق

للأديب الفرنسى الرومانسى «فيكتور مارى هوجو» مقولة نادرة المثال: «التشاؤم هو تسوس الحياة»، وفى معجم اللغة العربية، مُتَشائِم فاعل مِنْ تَشَاءمَ، والمُتَشائِمُ بمعنى المتَطيِّر هو مَن يسىءُ الظنَّ بالحياة، وشأَم قومَه جرَّ عليهم الشُّؤْمَ، النَّحْس، ورَجُلٌ مشؤوم، رجل أينما حلّ لا يتفاءل الناسُ بقدومه.

عجبًا من العجب العجاب، ما إن أشرقت شمس الحياة بعد جائحة مميتة، أهلكت البشرية، وكلفتها أرواحًا طيبة، حتى أظلمها مجددًا في وجوهنا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، «تيدروس أدهانوم جبريسوس»، أخشى أن يكون (هو) مَن يسىءُ الظنَّ بالحياة.

متشائمًا، قال: «يجب على العالم أن يكون مستعدًا لتفشى وباء (أشد فتكًا) من (كوفيد- 19)..»، نفثها كـ«حُمّة»،

(مفرد حُمَم)، نفث الرَّماد في الهواء، والحُمَمُ كلٌّ ما احْترق من النار، نفثها في وجوه حضور اجتماع صنع القرار السنوى للدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، البالغ عددها 194 دولة في جنيف.

سوّدها في وجوهنا ومضى إلى حال سبيله، جد صرت قلقًا مبلبلًا بعد نبوءة «تيدروس»، عاد رهاب الفيروس يقض مضجعى، إحساس دفين أن «تيدروس» يستهدفنى شخصيًّا بكلماته، كلما هدأت نفسى وسكنت مخاوفى، واشتعلت روحى بجذوة الأمل في خلاص البشرية من الجوائح، أعادنى «تيدروس» إلى نقطة الصفر نفسيًّا.

يُذكرنى «تيدروس» ببيت شعر لطيب الذكر «صلاح عبدالصبور»، في رائعته الخالدة «يوميات نبى مهزوم يحمل قلمًا»، يقول: «انفجروا أو موتوا.. لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالى جبل الصمت.. أو ببطون الغابات..»، خلاصته «رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجىء».

لا أعرف مدى ثقافة تيدروس العربية ليفقه المعنى الكامن في بطن الشاعر، كتبت قبلًا، ولازلت أعتقد أن منظمة الصحة العالمية ومديرها الإثيوبى لا يعرفان طريق التفاؤل أبدًا، منظمة عابسة ومديرها مشمئنط، وبياناتها يلونها تشاؤم، وقنوط، تحض على الانتحار يأسًا.

تيدروس يستحق لقب «المُتَشائِم»، سِيَّما أن نبوءته مفترض تقوم على دليل علمى طبى موثق، وليس تكهنات، أخشى أن تُضم نبوءته إلى مثيلاتها من نبوءات العرّافين حول العالم، العراف الإثيوبى يتأبّط شرًا.

فلتفرد المنظمة الكونية وجهها الكئيب، فليبتسم «تيدروس» وهو يقذف بنبوءاته في وجوهنا، المنظمة في حاجة ماسّة إلى وجه مريح، متفائل، يبشر بالخير

تحس بأن منظمة الصحة العالمية مريضة نفسيًّا، منظمة المحبطين، وجوه منتقاة من كوكب عبس، لا يكفون عن إحباط البشر ويتولون عند الغوث، متسلطين علينا.

مجرد أن تفتحت مسامّ البشرية استشرافًا للأمل، حبًّا في الحياة، يدهمنا «تيدروس» بنبوءته السوداء، وكأنه يقود عربة الموت على طريق سريع.

يقول انتظروا فيروس آخر أشد فتكًا، لسان حاله يُغنى عن بيانه الكئيب، «تيدروس» يعانى «رهاب الوباء»، سدَّ عليه منافذ الأمل، كل ما ينام هنيهة يصحو ملتاعًا، قلبه واجف، وعطشان، ويهذى بالوباء المنتظر، أخشى أن روحًا شريرة تلبّست مدير المنظمة، لا تصدر عنه أبدًا بارقة أمل.

المنظمة الكونية تحتاج إلى نقلة معنوية، من مرحلة الإحباط والتحبيط إلى مرحلة إشاعة الأمل، أقله «تتشاءل» على طريقة طيب الذكر، الروائى الفلسطينى الجميل، «إميل حبيبى»، في رائعته الروائية، «الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبى النحس المتشائل».. والكلام إلِك يا جارة.. إلى المتشائم دومًا ودائمًا «تيدروس أدهانوم جبريسوس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسوس الحياة تسوس الحياة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon