للكاتب الليبى «إبراهيم الكونى» عبارة بليغة تقول: «باللسان يسكت الأنام، بالسكوت يتكلم الحجر»..
على كثرة المتحدثين الرسميين، تقريبًا في كل الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات، يظل البيان الحكومى غائبًا، واللسان متلعثمًا، يكتفون عادة بالصمت، وآخرهم النفى، والقاعدة تقول: «نفى النفى إثبات»، وزيادة «الاستثناء من النفى إثبات ومن الإثبات نفى».
راجع ما مر بالبلاد من أزمات حقيقية أو مصطنعة (عبر السوشيال ميديا)، الحكومة تترك «الحبة» تنمو في الفضاء الإلكترونى ترويها بالصمت حتى تصير «قبة» تسد عين شمس الحقيقة، ويصعب معها إزاحة ما تخلف من مخلفات تلقى في عرض الطريق، تنثرها أقدام المارة في وجوهنا.
إدارة المخلفات (الرسكلة) صناعة ثقيلة بتكنولوجيا متقدمة، هناك مخلفات معلوماتية تلوث الأجواء، وهناك مصانع خفية تصرف مخلفاتها في الفضاء الإلكترونى ليلتقطها بعض السيارة، بعضهم مغردون على شجر «تويتر»، شجر الزقوم، ومفسفسون على فيسبوك، في عملية تدوير شريرة تمرر حياة الناس الطيبة.
كل إنجاز يُشبه الإعجاز يصير هشيمًا تذروه الرياح، تتحدث عن إنجاز في توليد وإنتاج الكهرباء من محطات أنفق عليها المليارات، فقط تخفيف الأحمال، يتحول الإنجاز إلى مضغة في الأفواه، ولا تصادف ردًا مقنعًا، يصدرون تخفيف الأحمال دون شرح وافٍ ومبسط!!.
ملغز موضوع تخفيف الأحمال، جملة تفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات، خلاصته إجهاض منجز في قطاع الكهرباء والطاقة في عيون المصريين بتوالى الحكايات!.
وهكذا دواليك، إجهاض متعمد لكل منجز، دون مواجهة حكومية حقيقية من وجوه مقبولة وتتمتع بالمصداقية.
لولا ظهورات الفريق «أسامة ربيع»، رئيس هيئة قناة السويس، المقننة بأرقامه الموثقة، لنجح مخطط إجهاض مشروع ازدواج قناة السويس، المواجهة أخرست الألسنة التي طالت واستطالت تشكيكًا عقورًا في باكورة مشروعات الجمهورية الجديدة.
ولولا شجاعة الفريق «كامل الوزير»، وزير النقل، في مواجهة الحملة المسعورة على مشروعات النقل والمواصلات التي تنقل مصر عقودًا إلى الأمام، لسقط «المونوريل» تحت أقدام الفيلة الهائجة التي تدهس كل إنجاز، وتحبط كل تقدم، وتجهض كل حلم مشروع.
لو كل مسؤول خرج على الناس بشجاعة واقتدار يواجه مخطط الإجهاض، ليتبين الناس الحق من الإفك والبهتان. الدكتور «مصطفى مدبولى»، رئيس الوزراء، مضطر يخرج على الناس كل حين، ولكن التواصل المستجوب مطلوب يوميًا وعلى مدار الساعة.
مركز المعلومات في مجلس الوزراء يحاول جاهدًا ملاحقة الشائعات الإجهاضية، جهد مشكور وليس كافيًا، الفيروسات تتكاثر في الفضاء الإلكترونى!!.
إحصاء على لسان الرئيس «السيسى» قال به في محفل عام: «مصر تعرضت إلى ٢١ ألف شائعة خلال ٣ أشهر بهدف نشر البلبلة والإحباط»، قراءة الرقم تقول بـ٧ آلاف شائعة شهريًا، ٢٢٣ شائعة يوميًا، ١٠ شائعات كل ساعة، هل هناك بلد مستهدف بالشائعات هكذا.. أشك.
تقرير المركز الإعلامى لمجلس الوزراء الذي يتناول حصاد مواجهة الشائعات وتوضيح الحقائق، يلفتنا إلى الزيادة المطردة سنويًا في عدد الشائعات، بلغت الزيادة في عام ٢٠٢٢ (20.5٪) مقارنة بـ(18.7٪) عام ٢٠٢١، مقارنة بسنة الأساس (1.4٪) عام ٢٠١٤، وهذا مؤشر جد خطير، مصر مستهدفة بضراوة.
كلما ارتفع البنيان شاهقًا استعرت معاول الهدم والحفر تحت الأساسات، وهو ما حذر منه الرئيس السيسى مرارًا في سياق حديثه عن «معركة الوعى» التي تخوضها الدولة المصرية، في مواجهة أخطر وأقدم تنظيم إرهابى عرفته المنطقة العربية والساحة العالمية، تخصص أخيرًا في حرب الشائعات