بقلم - حمدي رزق
قد يكون الغيب حلوًا.. إنما الحاضر أحلى. نشرت الجريدة الرسمية، في عددها الصادر يوم ٢٧ إبريل الجارى، قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، رقم ١٧٧ لسنة ٢٠٢٢، وينص القرار في مادته الأولى على أن «يُعفى عن عقوبة السجن المقضى بها على المحكوم عليه حسام مؤنس محمد سعد، في القضية رقم ٩٥٧ لسنة ٢٠٢١ ج أمن دولة طوارئ مصر القديمة».
عندما كتبنا في هذه المساحة، قبل يومين، موقنين: (هل من مزيد؟!)، بمناسبة الإفراج عن (٤١) من المسجونين احتياطيًّا، بينهم عدد من النشطاء السياسيين، لم نكن نُخمن من التخمين.. فحسب كانت أمنيات، والأمانى عِذاب.
توقع يومئ إليه الحدس تأسيسًا على قراءة معمقة لكتاب المرحلة التأسيسية للجمهورية الجديدة، وتتبع حثيث لتوجه القيادة السياسية وعزمها على إحداث نقلة نوعية في ملف حقوق الإنسان تلبى أشواق المصريين إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
وحدث، ويحدث، وسيحدث تفاؤلًا، اتّساقًا مع منطوق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي كان إطلاقها بمثابة التزام سياسى، أقرب إلى عقد حقوقى يقوم على موازنة الحقوق والحريات والواجبات، اختصارًا الشواغل الوطنية.
قطاع الحماية المجتمعية بوزارة الداخلية (مختص بفحص ملفات السجناء لتحديد مستحقى الإفراج بالعفو عن تنفيذ باقى العقوبة) انتهى إلى استحقاق ٣٢٧٣ سجينًا عفوًا رئاسيًّا اختير موعده احتفاء بعيد تحرير سيناء.
متوالية الإفراجات، في الأعياد الوطنية والدينية، وبين الأعياد، استحقاقًا وطنيًّا، وكذا إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسى، جميعها تمهد الطريق سالكة، وتهيئ الأجواء صافية للحوار الوطنى المرتجَى، الذي سيكون فاتحة معتبرة لتدشين بناية الجمهورية الجديدة، نفخ الروح فيها بعقد اجتماعى جديد من منتوجات الحوار الوطنى الرشيد.
ليست أضغاث أحلام، أو من أحلام الكَرَى (أحلام النُّعَاس)، ولكنها طريق مرصوف على خارطة الوطن، GPS جرى تحديثه لتحديد الموقع والوقت، واستخلاص السرعة، وكما يقولون مشيناها خطى كُتبت علينا، ومن كُتبت عليه خطى مشاها.
مقدورك أن تمضى قدمًا بثقة منجز السنوات السبع الماضية (تُوصف بالسبع العجاف) كانت سنوات من كبد، مستبطن تعويض ما فات من حراك سياسى على أرضية وطنية وفق منظومة أولويات تتسق مع المقاصد العليا للأمة المصرية.
متوالية الإفراجات تحمل رسالة، قل أمانة، والرسالة بعلم الوصول، الإرادة الوطنية حاضرة، والإرادة السياسية نافذة، والحاضنة الشعبية توفر أجواء مواتية، وعلى قول المتنبى: «عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتى العَزائِمُ.. وَتَأتى عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ».
ملخص الرسالة جودة الحياة باتساع القوسين، جودة حياتية وحقوقية، الخبز والحرية، الإنتاج والحراك، والحريات السياسية والدينية، وهذه من الحقوق الأساسية التي وقّعت مصر عليها تاريخيًّا.
وعلى ذكر التاريخ، أُنعش الذاكرة الوطنية بأن مبادئ (ثورة يوليو ٥٢) كانت ستة، ثلاثة «قضاء»، على الاستعمار والإقطاع وسيطرة رأس المال، وثلاثة «إقامة»، إقامة جيش وطنى قوى، إقامة عدالة اجتماعية، إقامة حياة ديمقراطية سليمة. وبعد (٧٠ سنة)، لا يزال حلم حياة ديمقراطية سليمة يراوح مكانه، ويقينى أن ما تيسّر من معلومات خلال الأيام الأخيرة، وعلى لسان الرئيس السيسى، يحمل جديدًا يترجم أملًا نعض عليه بالنواجذ. ليس لدينا رفاهية خسارة الحلم، وكما قال طيب الذكر، سيد حجاب: «من اختمار الحلم ييجى النهار..».