رحل طيب الذكر الروائى الفلسطينى «إميل حبيبى» وترك لنا رواية مهمة عنوانها «سعيد أبى النحس المتشائل» (عام ١٩٧٤).تذكرت هذا العنوان أعلاه، وأنا أطالع نبوءة الملياردير الأمريكى «بيل جيتس» عن وباء جديد يهدد البشرية خلال العشرين عامًا المقبلة، وفرصة حدوث جائحة أخرى، سواء كانت طبيعية أم متعمدة، على ما يعتقد تزيد على ٥٠٪. وقال بيل جيتس، لمجلة «تايم» الأمريكية، إن الوباء المقبل سينتج عنه معدل وفيات أعلى من كورونا.
بيل جيتس متشائم، لا يشبه أبدًا سعيد أبى النحس المتشائل، وكلمة «متشائل» منحوتة من كلمتين، المُتَشَائِم وَالمُتَفَائِل، نبوءة عراف أبيض، «جيتس» قالها ومضى لحال سبيله، وترك التشاؤم للمنتسبين لمنظمة الصحة العالمية، وعلى رأسها مدير منظمة الصحة العالمية «تيدروس أدهانوم جيبريسوس».
تحس أن المدير «تيدروس» يتأبط تشاؤمًا، يحمل صندوق الشرور «باندورا»، وصندوق باندورا فى الميثولوجيا الإغريقية هو صندوق حُمل بواسطة باندورا يحوى كل شرور البشرية الخفية.
آخر ظهور لـ«تيدروس»، ولعله يكون الأخير، خلال مؤتمر الأمن «Globsek -2022» فى «براتيسلافا/ عاصمة سلوفاكيا»، متشائمًا قال: «لايزال هناك تهديد حقيقى وواضح بظهور نوع جديد أكثر ضراوة (من فيروس SARS-CoV-2) يمكن أن يتجنب التعرض للقاحاتنا».
عجبًا من العجب العجاب، ما إن أشرقت الحياة وخلعنا الكمامات حتى أظلمها فى وجوهنا «تيدروس»، العراف الإثيوبى، قضَّ مضْجعى، جعلنى لا أنام الليل.
هكذا حالى، صرت قلقًا مبلبلًا بعد نبوءة «جيتس»، وتقرير «تيدروس»، إحساس دفين أن «تيدروس» يستهدفنى بكلماته، كلما هدأت نفسى وسكنت مخاوفى، واشتعلت روحى بجذوة الأمل فى خلاص البشرية من الجائحة، أعادنى «تيدروس» إلى نقطة الصفر نفسيًا.
يقول، لا فُضَّ فوه: «إن نسخة خبيثة من كورونا لا تتأثر باللقاحات فى الطريق»، على طريقة «رعب أكبر من هذا سوف يجىء».
كتبت قبلًا، ومازلت أعتقد أن منظمة الصحة العالمية ومديرها الإثيوبى لا يعرفان طريق التفاؤل أبدًا، منظمة عابسة ومديرها مشمئنط، وبياناتها يلونها تشاؤم وقنوط، وتحض على الانتحار يأسًا.
«تيدروس» يستحق لقب «العَرَّاف»، سِيَّما أن نبوءته مفترض تقوم على دليل علمى طبى موثق، أخشى أن تُضم إلى مثيلاتها من نبوءات العرّافين حول العالم، العراف الإثيوبى يتأبّط شرًا.
فلتفرد المنظمة الكونية وجهها الكئيب، فليبتسم «تيدروس» وهو يقذف بجوائحه فى وجوهنا، المنظمة فى حاجة ماسّة إلى وجه مريح، متفائل، يبشر بالخير.
تُحس بأن منظمة الصحة العالمية مريضة نفسيًا، منظمة المحبطين، وجوه منتقاة من كوكب عبس، لا يكفون عن إحباط البشر ويتولون عند الغوث، متسلطين علينا، مجرد أن تفتحت مسامّ البشرية استشرافًا للأمل يداهمنا «تيدروس» بنبوءته السوداء، انتظروا متحورًا آخر.
لسان حاله يُغنى عن بيانه الكئيب، «تيدروس» يعانى من «رهاب الوباء»، سدَّ عليه منافذ الأمل، كلما ينام هنيهة يصحو ملتاعًا، قلبه واجف، وعطشان، ويهذى: الوباء، الوباء، الوباء.
أخشى أن روحًا شريرة تلبّست مدير المنظمة، لا تصدر عنه أبدًا بارقة أمل، المنظمة تحتاج إلى نقلة معنوية، من مرحلة الإحباط والتحبيط إلى مرحلة إشاعة الأمل، أقله تتشاءل على طريقة إميل حبيبى، والكلام إليكِ يا جارة.. إلى بيل جيتس!.