23 شهيدًا فلسطينيًا ارتقوا هذا الأسبوع إلى السماء، سماء فلسطين تظللها أرواح الشهداء، فرحين مستبشرين بنصر قريب، يقول شاعر المقاومة طيب الذكر محمود درويش: «أن تكون فلسطينيًا يعنى أن تصاب بأمل لا شفاء منه».
المقاومون الفلسطينيون- ولا نفرق بينهم نضاليًا- من سلسال الشهداء، شهداء أولاد شهداء، أحفاد شهداء، الحفيد في أثر الجد الشهيد، مقابر الشهداء تجمع رفات الشهداء على مدار العقود والأعوام.
إحصاء فلسطينى فريد من نوعه، أذاعه الجهاز المركزى للإحصاء في فلسطين في ذكرى النكبة ١٥ مايو الماضى، عدد الشهداء الفلسطينيين (والعرب) منذ نكبة عام ١٩٤٨ وحتى اليوم (داخل وخارج فلسطين) بلغ نحو مائة ألف شهيد.. رقم يشرّف وطن.
منذ بداية «انتفاضة الأقصى» (خلال الفترة ٢٩ سبتمبر ٢٠٠٠ وحتى ٣٠ أبريل ٢٠٢٢)، ارتقى إلى السماء ١١ ألفا و٣٥٨ شهيدًا.. ويزيد.
أرقام تنير وجه فلسطين الحزينة، تبعث على الفخر والفخار والافتخار، هذا شعب المقاومين، الشعب الذي يقدم ١٠٠ ألف شهيد فداء لقضيته، ويروى بدمائهم الزكية أرضه، لن تضيع قضيته مهما طال زمان الاحتلال.
الإحصاء الفلسطينى الفريد يلفتنا إلى ظاهرة فلسطينية «الأطفال المقاومين»، وهى ظاهرة فريدة نضاليًا، وتقلق راحة الاحتلال الصهيونى، عندما يشب الطفل عن الطوق مقاوما، فثق أن للقضية شعبا يحميها، في فلسطين يهبون أطفالهم فداء للقضية.
الإحصاء الفلسطينى يقول: عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلى بلغ ٤٤٥٠ أسيرًا حتى شهر أبريل من العام ٢٠٢٢، منهم ١٦٠ أسيرًا من الأطفال، أما عدد حالات الاعتقال فبلغت خلال العام ٢٠٢١ نحو ٨٠٠٠ فلسطينى في كل الأراضى الفلسطينية، من بينهم نحو ١٣٠٠ طفل، أطفال لا يذهبون إلى المدارس، أطفال أسرى ومعتقلين في سجون الاحتلال.. كيف لهذا الاحتلال البغيض أن يواجه شلال المقاومين؟!.
وكما يقول الروائى الشهيد «غسان كنفانى»: «هذه المرأة تلد الأولاد فيصيرون فدائيين.. هي تخلف وفلسطين تأخذ».
وقالوا عن المرأة الفلسطينية: «يا غصنًا استعصى كسره على أقوى الرجال، وأصبحت شجرة ثابتة فوق الرمال».
ثبات المرأة الفلسطينية ورسوخها في أرضها معجزة إنسانية تتحدث عنها وتغار منها أشجار الزيتون، دمها عطر، وريحها نفس المقاومين، شجرة عتيقة، تعجب من صمودها في وجه الأنواء والأعاصير والقصف الجوى يدك البيوت فوق الرؤوس.
شجرة قوية عفيّة، صابرة محتسبة، تحمل وتنجب وترضع المقاومين، وتستشهد جوار المجاهدين، في مقدمة الصف وخلف المقاومين، وتتلقى الصدمات، وتسبل أعين أطفالها، وتودع الجثامين بزغرودة انتصار يلوح، وتعود إلى فرشتها تشحن عزيمتها وتحشد المقاومين ليوم الحرية.
تعطرت أرض فلسطين في العام الماضى ٢٠٢١ فحسب بدماء ٣٤١ شهيدًا، منهم ٨٧ شهيدًا من الأطفال، و٤٨ سيدة، وفى الأسر ٣٢ حرة، ورهن الاعتقال في سجون الاحتلال ١٨٤ فلسطينية حرة.
مثل هذا الشعب بهذه التضحيات عصىّ على الاحتواء، لا يُقهر، لا يُهزم، أرقامه المسجلة إحصائيًا ترهب الاحتلال، كلما سفكوا دمًا، نبتت في الأرض الطيبة أشجار المقاومة.. أرض فلسطين خصبة، ينبت فيها المقاومون ليلا ليستشهدوا صباحًا.. طوبى للشهداء شيوخًا وشبابًا وأطفالًا.. دمتم مقاومين.