بقلم - حمدي رزق
طلبت «أميرة»، (ابنة شقيق الكاتب الكبير صلاح منتصر)، من محبيه الدعاء «عشان يقوم بالسلامة، ويستمر في كتابة مقالاته».
الدعاء موصول، والدعوات الطيبات من حول سرير العم صلاح كالورود اليانعة تفتح النفس على الحياة.
من قرأ سطوره، ومن اقترب من معيته، ومن اصطفاه العم صلاح بالمحبة يدعو، فأكثروا من الدعاء، الدعاء أنجع من الدواء، الدواء يكتبه الأطباء، الدعاء تلهج به ألسنة المحبين، دعاء ورجاء، «اللهم ألبسه ثوب الصحة والعافية، عاجلًا غير آجلٍ يا أرحم الرّاحمين».
الكتابة عن الأحباب فرض عين على المُحِبين، والعم صلاح عنوان من عناوين المحبة الحقّة، حالة إنسانية فريدة، رُقى إنسانى نادر، روحه طيبة، لا يُضمر شرًّا ولم أَرَه يومًا يتأبَّط شرًّا.. ابتسامته تسبق خطوه.
سعى ساعيًا العم صلاح إلى تقفِّى صور الجمال في نفوس البشر ووجوههم الطيبة، ومعلوم الكتابة الجميلة من حنايا الروح الطيبة، وشيخنا (كبير المقام) يملك قلبًا كبيرًا تسَع حجراته الجميع، لكل منّا موضع في قلبه.
أكتب مُحِبًا لمَن يحمل الحب للناس جميعًا، لم أَرَه سوى باشّ باسِم في وجه الحياة، يعالج قسوتها ببشاشته، ويهوّن الصعب علينا، وكل عقدة عنده لها حلّال، بتؤدة وعلى مهل وبثقة في الله يتوفر على أعقد المشاكل، يُحلِّلها ويُفكِّكها، يسكب عليها بعض ماء من روحه الشفافة، بردًا وسلامًا.
مثل العم صلاح مثل شيخ العمود في أَرْوِقَة (جمع رواق) قديم الزمان، يجلس وسط المُحِبين فيغمرهم من فضله، محبة لله في لله، فإذا ما امتلأت نفوسهم وأترعت.. تركهم ينثرون عبق المحبة في حِلّهم وترحالهم.
وصاياه وصايا حكيم، وكلماته تحمل عبق زمن الطيبة والإيثار، مثله تحتاجه سندًا في رحلة الحياة، مرشدًا وهاديًا ومعلمًا، يتمتع بهدوء داخلى، تعجب، كيف درَّب نفسه على فضيلة الهدوء؟!.
موهبة العم صلاح في احتواء عواصف الحياة، يلم الأحزان في شاله على كتفه ويُلقى بها على طول ذراعه، يتخفف منها، ويعتقد في راحة العقل التي هي من راحة البال، لا يُجهد عقله فيما لا يستحق، ولا يشغل باله بالتفاهات، ويضحك ملء شدقيه على مزحة بسيطة، وإذا أعجبته فكرة سوَّقها بين الأحباء، يشاطرونه المحبة.
يوم قريب سيعود عمنا غانمًا الصحة، سنراه في الصباحات الرائقة، مُنكبًّا على فكرة من فيض خاطره، كاتب سهل، يصوغ أفكاره بأبسط العبارات، وهى موهبة فريدة، كتابة كالقطيفة الناعمة، لا تُجهد القارئ أبدًا.
عطشى للكتابة الناعمة، كتابته ذات ملمس ناعم كالقطيفة، يُنعشك قلم عم صلاح، لا يُوتِّرك ولا يُقلقك ولا يقض مضجعك، عموده اليومى عنوانه «مجرد رأى» على الصفحة الأخيرة بـ«الأهرام»، لا يفرضه عليك، لكنه مجرد رأى، عنوان راقٍ، يصوغ العم صلاح عباراته في أدب جم واحتشام، وبين سطوره ثمة روح طيبة تسرى في أعطاف الكتابة.
رده الله سالمًا مُعافى، ويعود إلى مكتبه يجلس جلسة ناسك صالح، مُنْكَبًّا على سطوره التي ينتظرها قراء «الأهرام» كل صباح، قلم رقيق يعطف ويراعى الخواطر، ويلمس الجروح لا ينكؤها، مداده من عذب مياه النيل، يغرف منها يرتوى، ويروى المُحِبِّين.. برجاء الدعاء.