توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الكُرَماءُ»

  مصر اليوم -

«الكُرَماءُ»

بقلم - حمدي رزق

 وشخصيا لمست كرما من كرماء مقدرين، ولولا تواضعهم لذكرت آيات من كرمهم، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وبعد فضل الكريم الحنان المنان سبحانه وتعالى، كان فضلهم سابغا، وكرمهم حقيقيا، والكرم الحقيقى هو أن تقوم بشىء لطيف لشخص لن يكتشف ذلك أبدًا.

معلوم من يزرع المعروف يحصد الشكر، كتاب الكُرَماءُ يكتبه الشاكرون، يعجب المصطفى صلى الله عليه وسلم: «عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له».

والإمام على بن أبى طالب يقول فينا «إن النعمة موصولة بالشكر، والشكر متعلق بالمزيد ولن ينقطـع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد».

والمثل العربى يقول «اشكر من أنعم عليك، وأنعم على من شكرك»، وبالشكر تدوم النعم.

وفى سياق الكرم «أجود الناس من جاد عن قلة وصان وجه السائل عن المذلة».. الكرماء ينقصهم المال، والأغنياء ينقصهم الكرم، قال الإمام على رضى الله عنه «الْنَّاسُ رَجُلانِ: جَوادٌ لا يَجِدُ، وَواجِدٌ لا يُسْعِفُ».

قول الإمام الحكيم حفزنى للبحث فى المكتبة العربية عن «كتاب الكُرَماءُ»، فوقعت على «كتاب البُخلاء»، الكتاب العمدة، كتاب دوّن فيه «أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ» بعض صور البُخل فى الذين قابلهم وتعرف عليهم فى بيئته الخاصة، خصوصًا فى بلدة «مرو» عاصمة «خراسان».

بلغة فريدة، فكاهية تفج من بين سطورها سخرية مريرة، صور أبوعثمان (الجاحظ) البخلاء تصويرًا واقعيًا حسيًا نفسيًا فكاهيًا، وثّق فيه حركاتهم ونظراتهم المستريبة، القلقة أو المطمئنة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم وأطلع العامة على أحاديثهم، وكشف عن نفسياتهم وأحوالهم جميعًا.

وقصص الكتاب عبارة عن مواقف هزلية تربوية قصيرة، وُثقت فيها الألفاظ العامية المتداولة فى فترة كتابته، تكثر فى القصص الحوارات، كما يُعتبر دراسة اجتماعية تربوية نفسية اقتصادية لهذا الصنف من الناس وهم البخلاء.

الكتاب الفخيم يؤصّل تفشى ظاهرة البخل فى المجتمعات بدل الكرم والجود، واعتبار البخل فطنة ورجاحة عقل واعتدال، وليس شحا.

للأسف، بخلت المكتبة العربية بكتاب عن «الكُرَماءُ» فى شهرة كتاب الجاحظ، ويستحقون كتابا يوثق آيات الكرم، والكَرَمُ بمعنى الجُود، السَّخَاء، ومنه كَرَمُ الأَخْلاَقِ، نُبْلُهُ، سُمُوُّ النَّفْسِ، وكُرَماءُ جمع كَريم، ورَجُلٌ كَرَمٌ بمعنى كريم، وأَرضٌ كَرَمٌ أَرضٌ طيِّبةٌ.

ليت كاتبا كريما يتكرم علينا بكتاب عن الكرماء، وهم بين ظهرانينا كثر، فى شوق إلى كتاب عامر بالحكايات والشخوص والبيوتات الكريمة مفتوحة الأبواب لا ترد سائلا بل تسبغ عليه من الكرم.

من أقوال الشاعر والكاتب المسرحى الإنجليزى الشهير «وليم شكسبير»: «زينة الغنى الكرم وزينة الفقير القناعة وزينة المرأة العفة»، وكم من أغنياء زينتهم الكرم، ويقال فى وصف كرمهم أكرم من حاتم الطائى.

ويقال المثل «أكرم من حاتم» فى الرجل الذى يُعرف بالكرم، وقد اشتهر عن العرب الكرم، ولكن حاتم الطائى كان من أشد العرب كرمًا حتى أصبح العرب يضربون به المثل فيقولون للرجل الكريم أكرم من حاتم الطائى.

الروائى الشهير «ماريو بارجاس يوسا» يصك تعبيرا راقيا «الكرم هو أن تعطى أكثر من استطاعتك، وعزة النفس هى أن تأخذ أقل مما تحتاج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكُرَماءُ» «الكُرَماءُ»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon