بقلم - حمدي رزق
الكلفة البشرية لا تقدر بأثمان، روح طفل فلسطينى لا تعادلها تعويضات. معلوم إسرائيل خبرت ابتزاز العالم منذ «المحرقة الهتلرية» وحتى ساعته وتاريخه، بالسوابق يعرفون ويتكسبون من ادعاء المظلومية التاريخية.
حتمًا ولابد أن يشعر العالم بعقدة الذنب على ضحايا «المحرقة الإسرائيلية في غزة»، تجاوزت في وحشيتها المحرقة الهتلرية بكل مآسيها.. فضلًا عن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، دمار غزة وتخريب بنيتها الأساسية، تخريب دموى للبشر والعمران، وإقصائهم في الوجود إما إلى عصر«الإماتة الإجرامية»، وإما إلى حياة «الحيوانات البشرية».. في وصفٍ لم يكن يقبله أهل «العصور الحجرية»، التي يتوعد بها نتنياهو الفلسطينيين.
التقديرات الغربية تشير إلى أن تكاليف إعادة بناء ما دمره القصف الإبادى الإجرامى الإسرائيلى في غزة تتجاوز عتبة الخمسين مليار دولار، بعد مائة يوم من الدمار المتعمد لكل ما هو كائن فوق وتحت الأرض.
نظرية «الأرض المحروقة» التي ينتهجها «نتنياهو» خرابها مستمر ورهيب، فكيف تستعيد غزة الحياة؟!.. غزة باتت كومة من الأطلال التي تشهد على وحشية احتلال خطط لإبادة أهلها عن بكرة أبيهم، لا يذر منهم في القطاع ديارا.
العلّامة القانونى الدكتور «على الغتيت»، أستاذ القانون الدولى، ينبه مبكرا وفورًا إلى ضرورة النهوض بالتفكر الاستراتيجى والقانونى المبدع خارج الصندوق المعتاد، لتحقيق وضمان النجاح النهائى في كيفيات التعقب القضائى القانونى والسياسى الدولى والمالى والإقتصادى لمرتكبى هذه الجرائم من مختلف الدول: إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والجنسيات الأخرى، وملاحقتهم القضائية الدولية والوطنية بأنواعها كى لا يفلتوا من أعباء المسؤولية الكاملة عن إعادة إعمار غزة، وتحمّلهم كافة التبعات التي تقتضيها نتائج ما ارتكبوه من تعمد جرائم الإبادة البشرية، وما ترتب عليها من الضحايا والدمار العمرانى، وإقامة «غزة الحياة» من جديد وإحياء الخرابات بكافة أصنافها وأنواعها التي لحقت كذلك بالكوادر المالية والاقتصادية لغزة وأهل غزة، أخذا في الاعتبار الجدىّ الصارم أن تحملهم (وحدهم) مسؤوليات إعادة العمران والحياة إلى غزة.
ما تقدم- يقول «الدكتور على الغتيت»- هو الشق الثانى الأصيل، ولا انفصام له عن أهمية الحصول على حكم الإدانة لتلك الدول المشتركة الجانية مع إسرائيل من كل من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما سوف يستغرق مدة ستطول سنوات ليست بالقصيرة فيما أثبتته السوابق القضائية الموثقة.
في هذا السياق، نُذكّر باتفاقية لوكسمبورج بين دولة إسرائيل وجمهورية ألمانيا الاتحادية، تم التوقيع عليها في سبتمبر ١٩٥٢، والتزمت ألمانيا فيها بدفع تعويضات لليهود الناجين من الهولوكوست ولدولة إسرائيل باعتبارها الدولة التي ترث حقوق الضحايا اليهود، والتى تعتنى بتأهيل أغلبية الناجين اليهود.
في إطار هذه الاتفاقية، دفعت جمهورية ألمانيا الاتحادية لدولة إسرائيل ما يقدر بمبالغ، المعلن منها ٣ مليارات مارك ألمانى غربى في غضون ١٣ عاما ما بين عام ١٩٥٣ وعام ١٩٦٥، كذلك التزمت حكومة ألمانيا بدفع معاش شهرى لكل يهودى أينما كان، إذا أثبت تعرّضه لمطاردة الحكم النازى في أوروبا من ١٩٣٣ وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
أخد الحق صنعة والتزام أمام الله.. وحقنا بين أيدينا فلا تُضيّعوه.. كفانا فرصًا ضائعة!.