بقلم : حمدي رزق
شجاعة الاعتذار لا يتقنها إلَّا الكِبار، ولا يحافظ عليها إلا الأخيار، ولا يغذِّيها وينمِّيها إلَّا الأبرار. (منقول).
أغبطنى اعتذار المهندس «ماهر شتيه»، عمدة قرية الياسمين «نجريج»، للاعبنا الدولى محمد صلاح، ولأهل قريته، وأسرته، ولنفسه، وذلك بسبب تصريح منسوب للعمدة، واعتبره مسيئا للنجم المصرى (الله يشفيه)..
معلوم الاعتذار من شيم الكبار، وكما يقول الفيلسوف «جورج برنارد شو»: «إذا كان الاعتذار ثقيلاً على نفسك، فالإساءة ثقيلة على نفوس الآخرين أيضا».
بلسموا الجراح، الاعتذار خلق كريم، والمهاتما غاندى فيلسوف الهند العظيم يقول: «إذا قابلت الإساءة بالإساءة فمتى تنتهى الإساءة»!.
هذا هو السؤال: متى تنتهى الإساءة؟. متى تنعدم الإساءة؟. متى نكف عن الإساءة؟.
منسوب الإساءة فى المجتمع كمياه الصرف.. ارتفع، أصبح وبائيا، الإساءة بالمجان، وعلى أهون سبب، للأسف أوغلنا فى الإساءة، الإساءات لحقت بالجميع، وتورط فيها خلق كثير، وباتت الإساءة على الشفاه شفاهة، وعلى «الكيبوورد» كتابة، الناس تستسهل الإساءة، وكلما أمعنت فى الإساءة حصدت إعجابات ولايكات وشير.
البعض لا يبيت إلا مسيئا، ولا يوخزه ضميره مساء أو صباح، ليس كلنا مثل أبوالفلسفة الحديثة، «رينيه ديكارت» الذى تقبل الإساءة بروح عالية، وطفق يوصى نفسه ويوصينا: «كلما أساء لى أحد أحاول أن أرفع روحى عاليا بحيث لا تستطيع الإساءة الوصول إليها».
دعك من المظهر الخارجى، تظنه فولاذيا، بعضنا يعانى هشاشة، وآخرون قابلون للكسر، تجرحهم الإساءة، والبعض جراحه لا تبرأ سريعا، تعتمل الإساءة فى نفسه، فتلبث جامدة كجلطة ذهابا إلى شرايين القلب، قد تكلفه حياته، ويروى أن شاعرنا الكبير «صلاح عبدالصبور» راح ضحية إساءة ذبحت قلبه فى سهرة مع الخلان..
الحكيم يغفر إساءة الجاهل، وهناك من لا يغفر الإساءة، ويتوفر عليها، ويستبطن ثارا، وهناك من ينفر ليرد الصفعة بأعنف منها، تسمع فرقعات الأقلام تلطم الوجوه..
يوصيكم الحكيم كلود جولى «انس الإساءة واذكر الإحسان»، ومن قول السلف «اتَّقِ شَرَّ مَنْ أحْسَنتَ إليه.. بِدَوامِ الإحسانِ إليه»، وهكذا يُفهَمُ المقصودُ منها بأنَّ من أحسَن إلى مُحتاجٍ وَجَبَ عليه أن يستَمِرَّ ويداوِمَ على إحسانِه إليه.. ليتَّقِى شرَّهُ وأذاه.