بقلم : حمدي رزق
للإمام على بن أبى طالب مقولة شافية: «العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى»، ومن القول الشائِع بالشكر تدوم النعم.
إعفاء ١٠ ملايين طالب من سداد المصروفات الدراسية خلال العام الجارى، من إجمالى ما يقرب من ٢٣ مليون طالب، بكلفة مليار و٢٠٠ مليون جنيه، خبر جيد ضاع فى لُجة عام دراسى مضطرب.
عطفة رئاسية طيبة، مثل هذه اللفتات الكريمة ترطب الأجواء، وترفع الأعباء، وتؤشر على رسالة الدولة فى زمن الوباء، نحن معكم وندعمكم، على طريقة «لست وحدك».
تجاهل مثل هذه الأخبار الطيبة غريب وعجيب، وحفز الحكومة على مثل هذه الإعفاءات ضرورة ملحة، وهل من مزيد؟.. سؤال مشروع، والناس الطيبة فى حاجة ماسة للمسات حانية، العفاف زينة الفقر، «يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا...». (٢٧٣/ البقرة).
مثل هذه المبادرات الرئاسية تطمئن الطيبين أن هناك من يراعى ظروفهم وييسر حاجاتهم، ويعطيهم أملًا، التعليم حق مستحق، مكلف نعم، ولكنه حق، ولا تضيع الحقوق لأسباب عارضة، لولا الوباء لكان للسنة الدراسية وجه آخر، بالضرورة أفضل كثيرًا.
نتحمل بعض شوية «القفة اللى لها ودنين يشيلوها اتنين»، والحكومة تشيل بزيادة شويتين، ولو اتسعت رقعة الإعفاءات خير وبركة.
أقول قولى هذا ردًا على «حديث الجباية»، الذى يجد مساحة ظاهرة فى الحكى اليومى، ولا أحد ينظر لمثل هذه الإعفاءات المقررة من فوق، من رئاسة الجمهورية، تطبيقًا حرفيًا لمنهج «الحنو»، الذى قال به السيسى يومًا: «هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه»، والحنو فى المعاجم اللغوية من فعل تحنَّى، تحنَّى على يتحنَّى، تَحَنَّ، تَحَنّيًا، فهو مُتَحَنٍّ، والمفعول مُتحنًّى عليه.. ونحن الفقراء إلى الله والله هو الغنى.
عشرة ملايين طالب استفادوا وأولياء أمورهم من هذه الإعفاءات، ولم تهلل لها الحكومة، ولم تمن بها على الناس، بل منطوق الرقم كما يقول به وزير التعليم الممتحن فى عام الوباء دكتور طارق شوقى، منطوق يذهب إلى أن هذه الإعفاءات حق مستحق، وليس منة ولا فضلًا، والإعفاءات حقوق تدفعها الحكومة عن طيب خاطر لتطييب الخواطر.
ماذا فعل بنا الوباء، فعل الكثير، لفتنا جميعًا لواجب اجتماعى مستوجب، إعانة الطيبين على المعايش، على استمرار الحياة الكريمة، وفى هذا الصدد يلزم التوقف أمام مبادرات كريمة لكرماء نفروا إلى دفع مصروفات المدارس طواعية تخفيفًا عن الطيبين، مبادرة محمد أبوالعينين فى الجيزة نموذج ومثال.
وأتمنى على المدارس والجامعات الخاصة (والأجنبية على الأراضى المصرية) أن تحذو حذو الحكومة فى قليل من الإعفاءات، وتيسير دفع المصروفات، الناس تئن بشدة تحت وطأة الجائحة، ومطالب الأولاد لا تنتهى، ولا أحد يعرف نهاية الجائحة، ليس لها من دون الله كاشفة.