بقلم : حمدي رزق
على طريقة «خير البر عاجله»، عَاجَلَ «شريف جاد الله» المحامى السكندرى، الأستاذ رجالى عطية، نقيب المحامين، بطلب حمل رقم (٣٧٠ لسنة ٢٠٢١)، أن تقوم نقابة المحامين المصرية، باعتبارها أعرق منظومة حقوقية رسمية فى الوطن العربى، بتكريم الرئيس الأمريكى «جو بايدن» باعتبار أن بايدن محامٍ أمريكى من ناحية، ولحسن إدارته القانونية للصراع الانتخابى من ناحية أخرى.
«لِلَّهِ فِى خَلْقِهِ شُؤونٌ»، مقترح برقم موثق بلغ نقيب المحامين يطالبه بتكريم «جو بايدن» بدرع نقابة المحامين، ودعوة السفير الأمريكى إلى مقر نقابة المحامين المصرية وتسليمه درع النقابة الخاص بالرئيس الأمريكى.
يا سلام سلم المتر بيتكلم، حيثيات الطلب أغرب من الطلب نفسه، «وطالب جاد الله نقيب المحامين المصريين بأن يتضمن خطاب التكريم الذى سترسله النقابة للرئيس الأمريكى دعوته إلى مناصرة القيادة السياسية المصرية فى حربها ضد إرهاب الجماعات المتطرفة التى تسعى لسحق إرادة وكرامة الشعب المصرى وسلب حقه فى الحياة، حتى لا يتكرر مع الشعب المصرى ما عانى منه الشعبان العراقى والسورى الشقيقان».
فى فمى ماء، لن نحك أنوفًا مستبشرة بقدوم «نبى الديمقراطية المنتظر»، ينتظرونه على أحر من الجمر، وعلى طريقة «ريتشارد قلب الأسد» فى فيلم «الناصر صلاح الدين»، ولكنك لا تعرف يا نقيب المحامين، البابا فى روما، وكل الحطابين فى الجبال النائية، والفلاحون فى مزارعهم، والعجائز حول نار المدفأة فى ليالى الشتاء، وآلاف الملايين من البسطاء، كلهم ينتظرون عودة الديمقراطية الأمريكية إلى المنطقة.. «وانتم عارفين الباقى من الفيلم طبعا».
لا طاقة لنا بتكرار مقولات استهلاكية، وأن مسحوق «الحديث المعسول لغسل العقول» لا يغسل أكثر بياضًا، المساحيق الأمريكية ديمقراطية أو جمهورية لها نفس التركيبة، وإن اختلفت الإضافات، هناك مساحيق برائحة جمهورية، ومساحيق ديمقراطية عديمة اللون والطعم والرائحة.. ولربما تغسل أكثر بياضًا!
مثل هذه الدعوات تأتى فى باب التطوع، فَمَن تَطَوَّعَ، والتطوع سياسيًا حتمًا ولابد من أن يكون فى إطار الدولة المصرية، ووفق منهجيتها فى السياسات الخارجية، ما موقع مثل هذه الدعوة المجانية فى السياق الرسمى الوطنى فى مقابلة التغيرات الجذرية فى الإدارة الأمريكية التى ستنتج تغييرات جذرية فى التوجهات الأمريكية عالميًا وإقليميًا ومصريًا.
فلننتظر «هنيهة» شوية صغيورة، أمامنا أربع سنوات لتكريمه، والأيام حبلى بالمفاجآت، معلوم، خير البر عاجله يتناقض مع مقولة العجلة من الشيطان، والشيطان يكمن فى تفاصيل هذا المقترح العجيب.
ليس كل رئيس ارتدى روب المحاماة يستحب تكريمه، وليس كل مقترح خلوًا من الحسابات السياسية يستوجب التهليل له والتكبير، تكريم الرئيس الأمريكى ودعوة السفير الأمريكى إلى نقابة المحامين أخشى أن يشق صف المحامين، والنقابة مش ناقصة.. لن أتحدث عن المواءمات السياسية فهذا شرحه يطول.