بقلم : حمدي رزق
احترازًا وجوبيًا.. هذه السطور ليست دفاعًا عن الدكتورة «آمنة نصير»، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بالأزهر الشريف، إن الله يدافع عن الذين آمَنُوا، أليس الله بكافٍ عبدَه.
ولكن دفاعًا عن الإسلام كدين عقل، «لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»، وعن الاجتهاد بمعنى الاستدلال، واستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها.
تعجبنى طروحات الكبيرة الدكتورة آمنة نصير، لا تُفْتِى ولكنها تفكر بصوت عالٍ، وبعقل راجح، وتجتهد فى شجاعة، ولا تخشى فى الحق لومة لائم!
بالأمس قالت رأيًا: «زواج المسلمة من المشرك حرام شرعًا بنص القرآن، وزواجها من الكتابى حرام باجتهاد الفقهاء».. اجتهدت، فشُبحت على «تويتر»، فكرت، فرُجمت على الـ«فيس»، ولُعنت فى مجرات الفضاء الإلكترونى.
صحيح لكل مجتهد نصيب فى الخير، والثابت أن مقولتها قُلبت عمدًا لغرض، للأسف لكل مجتهد نصيب من الغُرْم.
مجرور صرف صحى وانفتح إذ فجأة (فجعة) على دماغ الدكتورة آمنة، زيد وعبيد ونطاط الحيط يتنطط على أكتاف الكبيرة، فى فتنة لم تسْعَ إليها، ونحن فى غنى عنها، ما أغنانا عن مثل هذه الفتن فى زمن الفتنة، وقانا الله شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وحتى لا تذهب بكم الظنون، الحكاية أن الكبيرة حاولت بيديها المعروقتين فتح باب أُغلق منذ زمن بعيد، واجتهدت، وتحدثت بما فتح الله عليها، وقالت اختلافًا بما اجتمع عليه الفقهاء، وتلمّست تفسيرًا لنص «وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ» (البقرة/ 221).
اجتهدت ورَدَّ عليها العلماء فى الأزهر الشريف ببيان معتبر يليق بجلال العلماء، وهنا يُستحب التذكير «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر»، والحاكم هنا رمزية العالِم، بل إن شُرّاح الحديث يرون أنه يؤجر الحاكم إذا أخطأ إذا كان عالِمًا بالاجتهاد فاجتهد، وأما إذا لم يكن عالمًا فلا، إذن فالاجتهاد مشروط بالعلم أولًا وقبلًا.
والدكتورة آمنة نصير أحسبها من المتفقهين، وشهاداتها العلمية وانتسابها إلى الأزهر الشريف، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، تُصنفها من المجتهدين المتفقهين.
ليت قومى يفقهون، حديث العلماء فقه يفقهه العلماء، ويرد عليه العلماء، وليس الدهماء رجمًا بالحجارة.. بُورِكْتِ سيدتى، وكَفَاكِ الله شر الْمُسْتَهْزِئِين.