بقلم : حمدي رزق
وكأنها كانت «مفخرة» وبقت «مقبرة»، مقصده أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يتسلّمها شمعة منوَّرة، تسلَّم بلدًا مُنْهَكًا هدّته الحروب والخطوب والثورات، تسلّمه بتكليف من أهله، إنّا عرضنا الأمانة، وحملها السيسى تكليفًا لا تشريفًا.
ورثة ثقيلة، بلد مُنْهَك، اقتصاده مريض، خزانته خاوية، يترجى الله في حق الغذاء والدواء وحليب الأطفال، بلد مُعطَّل تمامًا عن الإنتاج وتوليد فرص العمل، ماكيناته متوقفة بالكلية، واحتياطياته تكاد تنفد، ويناصبه العالم العداء، وتتكالب عليه الأكَلة تكالُبها على قصعتها، بلد غارق في الفوضى السياسية، والاحتراب الأهلى، بلد على شفا جرف هار، ينام الخلق ويصحون على فيديوهات الإرهاب ودَوِىّ الانفجارات، طرقه مُلغَّمة، وخطوط سككه الحديدية مقطوعة، والميليشيات السياسية والدينية متحكمة، بلد سقط من حالق في غيابات الجُبّ.
السيسى تسلّم بلدًا مُتعَبًا، مُنهَكًا، مَهيضًا، عاريًا من الاحتياطيات، والقدور تغلى في قعور البيوت الطيبة بماء قراح، والأفراخ الصغار تتخطفها الدِّيَابة في الطرقات، وتحكم البلد الاحتكارات، ويضرب في أساساته الفساد، وتؤمّه الطوابير على الغذاء والدواء وأنبوبة البوتاجاز، بلد حاله يصعب ع الكافر، ويتعيّش على المساعدات الخليجية، وتتحكم في قراره المساعدات الأمريكية، غارق لشوشته في الديون الخارجية والداخلية. كانت أيام سودة، الله لا يعيدها، ولا يكتبها علينا أبدًا.
الصابر المُمتحَن، تسلّم بلدًا على شفا حرب أهلية، وجماعة عقور تناصبه العداء، ومحور شرير يحاصر ويمنع حتى نسمة الهواء، وعالم لا يرحم ضعيفًا، وإملاءات واشتراطات، هَبّات مسمومة، وقروض بأثمان باهظة، ومعونات يتبعها أذى، وتلف رأس الوطن علامات استفهام، ومصر رايحة على فين؟! كان سؤال العامة في الطرقات.
تسلّم بلدًا خارجًا من ثورة (منكورة عالميًا)، مرفوضة إقليميًا، مُحاصَرة إفريقيًا، علّقوا عضوية مصر في منظمة أسستها مصر، ثورة لم يعترف بها سوى الأحباء في الخليج، وناصبها البيت الأبيض العداء المستحكم، وخاصمتها لندن، وأشاحت بوجهها فرنسا، وشككت برلين في روايتها، وحاصرتها الأحلاف الإقليمية، وكان حصارًا أليمًا.
وحمل الأمانة غير هيّاب، وفى توقيت هبّت ريح صرصر عاتية على السفينة العجوز، تكاد تُسقط شراعها الرئيس في أتون حرب طائفية، وتحرق الكنائس بطول وعرض البلاد في يوم أسود، ويشق الشعب من عند القلب شيعًا وأحزابًا، شعب خرجت عليه بليل عصبة جاهلة تحت راية عمِيّة، فجرت بيوت الله، وسفكت الدماء الطاهرة.. وعاثت في الأرض فسادًا.
وعلى مرمى البصر تسلخ من خاصرة الوطن رقعة عزيزة من سيناء لصالح الإخوان، وتتوطنها الجماعات الإرهابية التي تتشح بالسواد، وتتمدد في الفراغ، وتنزل الأنفاق، وتنزح الثروات، وترهن القبائل والعائلات، وتعلنها إمارة، وتبايع «البغدادى» على أرض مصر، وتكمن للجيش، وتغتال خير أجناد الأرض، وتُشيِّر قاذوراتها على المنصات الإخوانية المُموَّلة قطريًا لإحباط الجيش والشعب وفصل الجيش عن شعبه بشعارات ما أنزل الله بها من سلطان.
مصر قبل السيسى افتقدت الأمن والأمان، مصر كانت في خطب وهول مخيف وحاق بها خطر عظيم، فلما كلفوه طواعية، غنموا الأمن والأمان وعادت مصر إلى الحياة، مصر تمرض لا تموت، مصر تعانى ولكنها لا تعرف لليأس طريقًا، مصر تغزل أملها من شعاع الفجر، وَهَلّ الْفَجْر بَعْدَ الْهَجْرِ/ بلونه الْوَرْدِىّ بيصبّح.. عظمة على عظمة يا مصر.