بقلم: حمدي رزق
وجاء فى منشور حكومى وقعه رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، أنه «يمنع كل شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية، وذلك لدواعٍ أمنية».
تونس على خطى الجزائر، تمنع النقاب، ولا يزال النقاب مضروبًا على الوجوه فى مصر، وعلى خجل مجتمعى وخشية حكومية يدور جدل صامت حول منع النقاب، صحيح هناك خطوات استثنائية تمنع النقاب فى مهن التدريس والطب فى جامعة القاهرة كمثال، ولكن الإرادة المجتمعية والشجاعة الحكومية دون المستوى لخوض هذه المعركة التى خاضتها الحكومتان (الجزائرية والتونسية) لدواعٍ أمنية.
لن نخوض جدلا دينيا على أرضية زلقة تنتهى عادة بالتكفير، الشارع بات موقنا أن الحجاب عبادة والنقاب عادة، دعنا الآن من الحجاب أقله هناك وجه مكشوف، ولكن النقاب هو ما يستأهل التوقف أمامه جديًا فى ظل تراكم الحوادث والأحداث التى تستحل النقاب كغطاء لجرائم متفرقات، وبالسوابق من خطف الأطفال إلى تنفيذ عمليات إرهابية.
متى تستجمع الحكومة المصرية شجاعتها لتقرر منع النقاب فى الوظائف العامة والجامعات والمدارس على إطلاقها؟، أليست القواعد الحاكمة للموظف العام تلزمه إلزامًا بلباس لائق يعكس القواعد والمبادئ التى تحكم الوظائف العامة فى المرافق العامة ومنها الحياد والشفافية؟، كيف حال الحياد فى ظل انحياز سافر يؤشر عليه النقاب يغطى الوجوه، وأين هى الشفافية والنقاب يشى بالغموض الذى يؤثر بالسالب على الأداء الوظيفى؟!.
القضية هنا ليست تعصبا ضد النقاب، ولكنها وظيفة عامة تستلزم إفصاحًا يحول دونه النقاب، بالله عليكم كيف يتلقى تلميذ دروسه على معلمة منقبة؟، وكيف يطمئن مريض لممرضة منقبة؟، وكيف يأتمن مواطن على مصلحته فى حوزة منقبة تطلب منه إفصاحًا من وراء حجاب؟، وهكذا دواليك.
أخشى أن النقاب صار مألوفا، الحكومة ولفت عليه، وصمت عجيب يلف رأسها أمام ظاهرة تتحدى القواعد والمبادئ الوظيفية، للأسف تسامحنا مع النقاب فى الشارع فدخل إلى المدارس والمعامل والجامعات، والمستشفيات ودواوين الحكومة.
النقاب تعبير سلفى صارخ، السلفية تتوغل، ومن العبث دعم بعض النخب العبثية التى ترى فى النقاب حرية شخصية أو دينية، وتنسى أو تتناسى أن أول قواعد الحرية الشفافية التى يحول دونها النقاب.
يلزمنا أخيرا التذكير بمنطوق الحكومة التونسية فى حيثيات منع النقاب فى أماكن العمل، لدواعٍ أمنية، أو حيثيات الحكومة الجزائرية نصًا: «منع كل لباس من شأنه عرقلة ممارسة مهام المرفق العام، لاسيما النقاب الذى يمنع ارتداؤه منعًا باتًا فى أماكن العمل».