بقلم : حمدي رزق
فى واقعة تدمى القلوب، شهد مستشفى كفر الدوار بالبحيرة، والذى خصص للحجر الصحى للمصابين بفيروس كورونا، رفض أهالى أحد المتوفين بسبب فيروس كورونا تسلم جثته رغم بقائها داخل مشرحة المستشفى لمدة أكثر من 10 أيام خوفا من العدوى، والأكثر حزنًا وألمًا أن تتواصل إدارة المستشفى مع أهل المتوفى أكثر من مرة لتسلم جثته، ولكن دون جدوى، مما اضطرها إلى إبلاغ النيابة العامة، التى قررت التصريح بدفن الجثة بمقابر الصدقة (اليوم السابع).
«ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِى كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً.. » (البقرة / 74).. الموت فى زمن كورونا كاشف لقسوة القلوب، أشد قسوة، الخوف يعمل أكتر من كده، الخوف موتُ قد يمتدّ مدى الحياة، هذه العائلة ماتت إنسانيا وهى على قيد الحياة، ومهما أحيت لياليها فهى ميتة مدى الحياة.
وقال ابن القيم: «ما ضُرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله»، وخلقت النار لإذابة القلوب القاسية، وأبعد القلوب من الله القلب القاسى.
ما بال هؤلاء، ماذا دهاكم، أقست قلوبكم، أفى صدوركم قلوب أم حجارة، حتى الحجارة يتفجر منها الأنهار، وأن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، مالكم ألا تخشون يوما موعودا؟!
قرار رحيم من قلب رئيس نيابة رحيم، وارى الجثمان فى مقابر الصدقة، ياااه حكمة الله تتجسد مجددا «فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِى سَوْءَةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ» (المائدة/ 31).
عجيب أمرهم، لا أستثنى منهم متعلما أو جاهلا، كيف هانت عليكم جثتكم فى الثلاجة، كيف تنكرتم لابنكم مسجى، كيف صمتم عن دفنه فى مقبرة عليها اسم العائلة؟! العدوى من الأحياء شائِعة، من الأموات لم يتثبت منها مادامت اتخذت الاحترازات الوقائية، يتكفل المستشفى بكل الاحتياطيات، حسب البروتوكولات المتبعة.
وفصل الخطاب قول حكيم «حسبما تهيئ فراشك يكون رقادك.. »، ودينيا حبذا فى الفضل تقديم الأرحام على غيرهم لقوله تعالى «وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ». (الأنفال / 75)