بقلم:حمدي رزق
وأنا أطالع تقرير البنك المركزى بخصوص تحويلات المصريين فى الخارج، تذكرت بيت شعر فخيما لأمير الشعراء أحمد شوقى يقول: «يا ساكنى مِصرَ إنّا لا نَزالُ على عَهْدِ الوَفاءِ وإنْ غِبْنا مُقِيمِينَا».. يقصد ساكنين فى القلب.
يسعدك، ويفرح قلبك، تقرير البنك المركزى الأخير، سجلت تحويلات المصـريين العاملين بالخارج خلال الفترة من يوليو ٢٠٢١ إلى مايو ٢٠٢٢ نحو ٢٩.١ مليار دولار بمعدل زيادة بلغ ٢.١ ٪ على أساس سنوى، مقابل نحو ٢٨.٥ مليار دولار مقارنة بالفترة من يوليو إلى مايو ٢٠٢٠/٢٠٢١.
المصريون فى الخارج يكدون ويتعبون ويشقون، بارك الله فى الرجال، ونحن لهم من الشاكرين، شبابنا فى الخارج عند حسن الظن، يجتهدون بشرف، ويكدحون بعرق، ويحولون إلى مصر حصاد شقاهم، حولوا فى عام واحد نحو (٢٩.١ مليار دولار) وهو رقم يزيد على سابقه (٢٨.٥ مليار) وعلى السابق عليه (٢٥.٥ مليار دولار)، زد وبارك وما شاء الله.
فيهم الخير، ومَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهم الخَيْرُ، بيان البنك المركزى يستأهل توقفًا وتبينًا، توقفًا أمام جهد شبابنا الذى يكد ويعرق ويتعب ويتحمل أهوال الغربة وآلام الفراق، عينه وقلبه على بلده الذى يسكنه أهله ويسكن فؤاده، مصر تعيش فينا.
وتحية مستحقة لهؤلاء القابضين على الجمر فى شتات الغربة، من لم يجرّب الغربة قعودًا فى وطنه لا يشعر بمعاناة هؤلاء فى بلاد غير البلاد، الغربة وما أدراك ما الغربة، ثقيلة الوطأة على النفس، صعيبة الغربة، أعوام فى الغربة تجعلك تتمنى يوما فى حضن الوطن.
الحمد لله عادت التحويلات إلى سياقها الطبيعى، عادت بحس وطنى دافق، وعلى وقتها كما يقولون، تعوض نقص موارد النقد الأجنبى من السياحة والصادرات بفعل الجائحة والحرب الأوكرانية، كم نحن فى أمسّ الحاجة إلى هذه التحويلات التى تعد مصدرًا رئيسيًا للعملات الأجنبية، وداعمًا رئيسيًا للاحتياطى النقدى فى البنك المركزى، هل من مزيد؟!.
ارتفاع أرقام التحويلات بما يزيد على أربعة مليارات فى عامين، قبل أن يدل على الوفاء من جانب هؤلاء المقدرين، يؤشر على إحباط مؤامرة الجماعة الإرهابية لحجب التحويلات الدولارية من الخارج.
وتبينًا لحجم المؤامرة الإخوانية، كانت مؤامرة جد خطيرة، سماسرة الإرهابية ووسطاؤها فى الخارج، خاصة فى منطقة الخليج العربى، قطعوا الطريق ككلاب السكك العقورة على تحويلات المصريين، كانوا يشترون الدولارات من المنبع بأسعار خرافية فوق أسعار البنك المركزى قبل التعويم.
لعبوا على وتر الربح السريع العابر للحدود، فقط لتجفيف موارد النقد الأجنبى من الخارج، وتجفيف السيولة فى الداخل، وحرمان الخزانة المصرية من التحويلات المليارية، الإخوان أنفقوا على مخططهم الجهنمى إنفاق من لا يخشى الفقر.
وربك للمصريين جابر، انزاحت الغمة، وعادت التحويلات سيرتها الأولى دافقة فى عروق الاقتصاد المصرى، ويلزم الاحتفاء والحفاوة بهؤلاء المرابطين على ثغور الوطن فى الخارج، خط الدفاع الأول، ومورد الاقتصاد الأول، والمربوطين بحبل سرى بالوطن لا يغيب عن ناظريهم لحظة.
لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، هؤلاء المكافحون المثابرون المخلصون يحدثون فارقًا، هؤلاء أولى بالرعاية والتواصل الحميم، ورسائل الرئيس إليهم فى كل المناسبات الوطنية تحمل تقديرًا وعرفانًا، وما جزاء الإخلاص فى نصرة الوطن إلا نصرتهم فى غربتهم، ربنا معاهم.