بقلم - حمدي رزق
أصدر الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة تعليماته لمسؤولى المديريات على مستوى الجمهورية، بضرورة مراعاة التزام عموم الموظفين والقيادات بارتداء الملابس فى إطار الوقار والاحتشام، وحدد مواصفة الوقار للرجل من عموم الموظفين (غير القياديين) بارتداء الملابس الرسمية الأفرنجية، وهى البنطلونات والقمصان أو التيشرتات، أيًا كانت الألوان، ويحظر على الموظفات ارتداء ملابس ضيقة أو مجسمة أو شفافة أو عارية أو قصيرة أو أحذية ذات كعوب عالية، وعدا ذلك لهن مطلق الحرية فى ارتداء ما يحلو لهن طالما فى إطار الحشمة.
فعلاً إنها حكومة محترمة، حكومة وقورة، محتشمة، الحكومة الشكلانية حددت المواصفات، أظنها مهضومة إلا حكاية الكعب العالى، محظور تماماً، نسى الجهبذ الذى حدد مواصفة الاحتشام أن يحدد ارتفاع الكعب عن الأرض، كم سنتيمترا، وهل يخضع علو الكعب لتقدير الرئيس المباشر، وإذا ما ارتأى المسؤول كعباً عالياً، هل يكتفى بلفت النظر، وفى حالة العود هل يعاقب الموظفة بخلع الأحذية والمشى حافية على جسر الذهب!.
ماله الكعب العالى، إيه كمية العقد التى أصابت متنفذى الجهاز الوظيفى، عقدة مزمنة من أيام فيلم «مطاردة غرامية»، مداام.. بوز جزمة سيادتك بيدل على أنوثة طاغية، أقصد كعب جزمة سيادتك، الله يرحمه الصوت الشارخ «محمد رشدى» وهو يتغنى بكعب الغزال يا متحنى، معلوم حكومتنا السنية ملتزمة بقواعد الوقار والحشمة، وهذا يصلح تفسيراً لغياب الأغنية الراقصة عن الشاشات الفضائية، أخشى أن تعميماً حكومياً بمنع إذاعة هذه الأغنية المخالفة للمواصفات الوظيفية وقاراً وحشمة، والوقار من الأدب وليس من السمك!.
كعب عالٍ، هو فين، آخر مرة شفت كعب عالى قبل أن يبيض الشعر ويبيض الديك، الموظفة أصلا «متكحرتة» تشترى جوز جزم من السنة للسنة، للخروج والدخول وللشغل، ليس فى مكنتها شراء جوزين جزم، مفروض يتم صرف بدل حشمة لعموم الموظفين، بدلة وجوز كرفتات غامقة للموظف، وجوز جزم أسود مغطى منخفض حتى يلامس الأسفلت، وبمواصفة لا تسمح بأى اهتزازات ترعش القلوب.. أنا شايف الأرض بتتمرجح تحت الخلخال.. متبطل تمشى بحنيه.. لا يقوم زلزال..
شكلانية التعليمات الأخيرة التى انفرد بها موقع «الدستور» الإلكترونى مثيرة للخيال، يبدو أن دواوين الحكومة صارت مستهدفة من جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، التى استوطنت جهاز التنظيم والإدارة، ونحن عنها غافلون، لا أعرف مَن هذا العبقرى المنشغل تماما بالملزق والمحزق والقصير والعالى كعباً والعارى والمكشوف، حكومة محجبة وتتحجب، سيكتب على باب رئيس المصلحة «ممنوع دخول السافرات».
شخصياً لو أنا موظف لارتديت ما شئت وشاء لى الهوى إن شاء الله شورت ساخن فى برد طوبة، وكما أن هناك حرية تامة ومحببة للمحجبات والمنتقبات تفضيلاً، لماذا التضييق على السافرات؟. أشم رائحة سلفية وراء التعليمات الصادرة خفية من قيادة الجهاز؟.
لماذا ينشغل جهاز بيروقراطى عتيق بلباس عموم الموظفين ويغض البصر عن درجات الأداء، أخشى ستنشأ إدارات فى المصالح الحكومية تسمى «إدارة الحشمة والوقار»، يقف أمامها الموظفون زنهار، تقيس ارتفاع الكعوب، ومساحة الفتحات فى الجونلات، أنصح الموظفات باقتناء شبشب أرضى لزوم ما يلزم، ترتديه فى المكتب أو تستخدمه فى الاعتراض على التعليمات المنظمة أو إذا جرى توقيع عقاب تلويماً أو توبيخاً.. احترس من كل من اقترب من الأرض!.
نقلا عن المصري اليوم القاهررية